باب ما جاء في العفو عن الخادم
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا رشدين بن سعد، عن أبي هانئ الخولاني، عن عباس الحجري، عن عبد الله بن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كم أعفو عن الخادم؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا رسول الله، كم أعفو عن الخادم؟ فقال: «كل يوم سبعين مرة»: هذا حديث حسن غريب ورواه عبد الله بن وهب، عن أبي هانئ الخولاني بهذا الإسناد نحوا من هذا، والعباس هو ابن جليد الحجري المصري حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن أبي هانئ الخولاني بهذا الإسناد نحوه، وروى بعضهم هذا الحديث، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد، وقال: عن عبد الله بن عمرو
حُسْنُ الخُلُقِ، وتَجاوُزُ المَرْءِ عن الأدْنى منه منزلةً الَّذي يَستطيعُ عِقابَه، مِنَ الأُمورِ الَّتي حَثَّ عليها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما أنَّه: "جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، كَم نعْفُو عن الخادِمِ"، أي: كم مرَّةً عند ارتِكابِهِ فِعْلًا خاطِئًا أو أمرًا خلافَ الَّذي نأمُرُه؟ "فصمَتَ" أي: فسَكتَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ولم يُجبْه، قيل: إنَّ صَمْتَه صلَّى الله عليه وسلَّم إجابةٌ؛ لأنَّ العفْوَ أمرٌ مقَرَّرٌ شرْعًا؛ فلا حاجَةَ للسُّؤالِ عنْه، وقيل: كان مُنتظِرًا للوَحْيِ في تلك المَسألَةِ، "ثمَّ أعادَ" أي: السَّائلُ "عليهِ" أي: على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم "الكلامَ" أي: هذا السؤال، "فصَمَتَ، فلمَّا كان في الثَّالثَةِ" أي: لَمَّا أعادَ عليه الرجُلُ السُّؤالَ للمَرَّةِ الثالثة، أجابَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقال: "اعْفوا عنه في كلِّ يَومٍ سَبعينَ مرَّةً"، وهذا العددُ للكثرةِ لا لبُلوغِ مُنتهَى العددِ، وهذا كنايةٌ عن العفوِ الدَّائمِ عن الخادمِ، مع إرشادِه إلى الصَّوابِ وتأدِيبِه، وهذا مِن رَحمتِه ورِفقِه صلَّى الله عليه وسلَّم بأُمَّتِه.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ على العفْوِ عن الخطَأِ والزَّلَلِ في الأُمورِ الَّتي لا تَنْدرِجُ تحتَ المَناهي الشَّرعيَّةِ.