باب ما جاء في الغيبة والرفث للصائم 1
سنن ابن ماجه
حدثنا عمرو بن رافع، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيهعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به، فلا حاجة لله في أن يدع طعامه وشرابه" (1).
مِن حِكَمِ الصَّومِ ومَقاصِده العُظمَى تَحقيقُ التَّقوَى، وكَسْرُ الشَّهوةِ، وتَطويعُ النَّفسِ، وليس مَقصودًا منه أنْ يَمتنِعَ المسلِمُ عنِ الطَّعامِ والشَّرابِ فَقطْ، بلِ المقصودُ تَهذيبُ النُّفوسِ وتَربيتُها وإصلاحُها.
وفي هذا الحَديثِ يُحَذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن يَقتَصِرُ صِيامُه على الامتِناعِ عنِ الأكلِ والشُّربِ فقطْ، ولم يَترُكِ الكَذِبَ، والمَيلَ عنِ الحَقِّ، والعَمَلَ بالباطِلِ والتُّهمَةِ، فمَن يَفعَلُ ذلك لا يُريدُ اللهُ منه أنْ يَترُكَ الطَّعامَ والشَّرابَ، وليس مَعنى ذلك أنْ يُؤمَرَ الصَّائمُ الَّذي تَلبَّسَ بمَعصيةٍ أنْ يَترُكَ صِيامَه ويُفطِرَ، وإنَّما مَعناه التَّحذيرُ مِن قَولِ الزُّورِ أو العَمَلِ به، وتَعظيمُ التَّلبُّسِ بهذه المَعاصي حالَ الصَّومِ، حيثُ إنَّه يكونُ سَببًا في نُقصانِ أَجرِ عِبادَةٍ مِن أفضَلِ العِباداتِ، يَترُكُ الرَّجلُ طَعامَه وشَرابَه وشَهوتَه؛ ويَنقُصُ ثَوابَه قَولُ الزُّورِ والعَملُ به! وفي سُنَنِ ابنِ ماجه: «رُبَّ صائمٍ ليس له مِن صِيامِه إلَّا الجُوعُ».
وفي الحديثِ: حَضُّ الصَّائمِ على تَرْكِ المُنكَراتِ والمُحرَّماتِ.