باب ما جاء في الفصاحة والبيان2
سنن الترمذى
حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن عبد الجبار بن عمر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينام الرجل على سطح ليس بمحجور عليه»: «هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث محمد بن المنكدر، عن جابر إلا من هذا الوجه، وعبد الجبار بن عمر يضعف»
حرَصَ الإسلامُ على حِفْظِ النَّفْسِ، ونَهَى عن الإلقاءِ بها إلى التَّهلُكةِ، وأمر بأخْذِ الحَيطةِ لذلك.
وفي هذا الحديثِ يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما: "نهى رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ ينامَ الرَّجلُ على سطْحٍ"، أي: فوقَ سطْحِ بيتٍ، وخاصَّةً عندَ طرَفَهِ، "ليس بمحْجورٍ عليه"، أي: ليس عليه حاجزٌ؛ لأنَّه يُخاف سُقوطُه مع استغراقِ النَّومِ، والعبْدُ مأمورٌ بحِفْظِ نفْسِه وعدمِ تعريضِها للهلاكِ، والحاجزُ يمنَعُ الشَّخصَ من السُّقوطِ، وينسحِبُ هذا النَّهيُ على كلِّ ما يُعرِّضُ النَّفسَ للهَلكةِ، وإذا كان الإنسانُ مأمورًا بأخْذِ الحَيطةِ لنفْسِه وهو نائمٌ من الخطرِ، فمِن بابِ أوْلى أنْ يأخُذَ بها لنفْسِه وهو مُستيقظٌ.
وفي روايةِ أبي داودَ: أنَّ مَن فعَلَ ذلك "فقدْ برِئَت منه الذِّمَّةُ"، ومعناه: أنَّ مَن نام على سَطحٍ لا سُتْرةَ له، فقد تصدَّى للهلاكِ وأزال العِصمةَ عن نفْسِه، وصار كالمُهْدَرِ الَّذي لا ذِمَّةَ له، وأيضًا فإنَّ لكلٍّ من النَّاس عهدًا من اللهِ تعالى بالحفْظِ والكلاءةِ، فإذا ألْقى بيدِه إلى التَّهلُكةِ انقطَعَ عهْدُه.
وفي الحديثِ: بَيانُ حفْظِ الإسلامِ للنَّفْسِ ممَّا يُعرِّضُها للموتِ والتَّلفِ.