باب ما جاء في الفصاحة والبيان1
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال: حدثنا عمر بن علي المقدمي قال: حدثنا نافع بن عمر الجمحي، عن بشر بن عاصم، سمعه يحدث عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة»: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه» وفي الباب عن سعد
مَنْ كَثُرَ كلامُه كَثُر خَطَؤُه، ومَن اعْتادَ ذَلِكَ فإنَّه يَصْعُبُ عليه الرُّجوعُ إلى الصَّوابِ وإلى إمساكِ لسانِه، حتَّى إنَّه لَيتلذَّذُ بالكلامِ، ويَتشدَّقُ بلِسانِه مُسْتَسيغًا ومُتلذِّذًا بفَصاحتِه وطلاقَةِ لسانِه.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ يُبْغِضُ البَليغَ مِنَ الرِّجالِ"، أي: الفَصيحَ الَّذي يُعبِّرُ عمَّا في نَفْسِه بأَحْسَنِ عِبارةٍ، والمقصودُ هنا مَنْ يَتكلَّفُ ويُكْثِرُ الكلامَ ويَتفاصَحُ بِه ويَتشدَّقُ على النَّاسِ، "الذي يتَخلَّلُ بلِسانِه تَخَلُّلَ الباقِرةِ بلِسانِها"، أي: مِنْ كَثْرةِ كلامِه وتَشدُّقِه يُقلِّبُ لسانَه في فَمِه وبينَ أسنانِه تَلذُّذًا بالكلامِ، كما تَفْعَلُ ذلك البقَرةُ تَلذُّذًا بالطَّعامِ، وهذا التَّشبيهُ للتَّنفيرِ مِن كَثْرةِ الكلامِ دونَ داعٍ.
وفي الحديثِ: الزَّجرُ عن كَثرةِ الكلامِ دونَ تَحرُّزٍ أو احْتياطٍ، وعن التَّكلُّفِ المذمومِ والتشدُّقِ والتفاصُحِ.