‌‌باب ما جاء في القراءة على الجنازة بفاتحة الكتاب2

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في القراءة على الجنازة بفاتحة الكتاب2

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، أن ابن عباس، صلى على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب، فقلت له، فقال: «إنه من السنة، أو من تمام السنة». هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: يختارون أن يقرأ: بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: لا يقرأ في الصلاة على الجنازة، إنما هو ثناء على الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء للميت، وهو قول الثوري، وغيره من أهل الكوفة، وطلحة بن عبد الله بن عوف هو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف، روى عنه الزهري
‌‌

علَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الجنائزِ، وكيفيَّةَ التعامُلِ مع المَوتَى؛ مِن التَّغسيلِ والتَّكفينِ والدَّفنِ، والصَّلاةِ عليها صَلاةَ الجَنازةِ الَّتي هي حقِّ المُسلمِ على أخيه.
وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لبعضِ ذلك، حيثُ يحكي التابعيُّ طَلْحةُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عَوفٍ أنَّه صلَّى على جنازةٍ، والجنازةُ اسمٌ للنَّعشِ الَّذي عليه المَيتُ، وكان إمامَ تلك الجنازةِ عبدُ الله بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، فقرَأ ابنُ عبَّاسٍ فيها بفاتحةِ الكتابِ، وقال: لِيَعلَموا أنَّها سُنَّةٌ، أي: إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَعَلها.
والظاهرُ أنَّ ابنَ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما جهَر بالفاتحةِ حتَّى أسمَع المأمومينَ، وهذا لبيانِ أنَّ الأصلَ في القراءةِ في صلاةِ الجنازةِ الإسرارُ بها، وإنَّما تحَوَّلَ ابنُ عبَّاسٍ عن الإسرارِ إلى الجَهرِ؛ لتعليمِ الناسِ والمصَلِّينَ.
وقد وَرَدَ في سُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ صلاةَ الجنازةِ تكونُ أربَعَ تكبيراتٍ، وأنَّ المُصلِّيَ يَقرَأُ الفاتِحةَ بعْدَ التَّكبيرةِ الأُولى، ثمَّ يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في التَّكبيرةِ الثَّانيةِ الصَّلاةَ الإبراهيميَّةَ، ثمَّ يَدعو لِلمَيتِ في باقي التَّكبيراتِ، أو يَدعو لِلمُسلِمينَ ولِلمَيتِ.
وفي الحديثِ: مشروعيَّةُ قِراءةِ الفاتحةِ في صلاةِ الجنازةِ.
وفيه: اتِّباعُ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما سُنَّةَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واقتفاؤُه أثَرَه في أفعالِه.