باب ما جاء في القراءة في صلاة الجمعة
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: استخلف مروان أبا هريرة على المدينة، وخرج إلى مكة، فصلى بنا أبو هريرة يوم الجمعة، " فقرأ سورة الجمعة، وفي السجدة الثانية: إذا جاءك المنافقون "، قال عبيد الله: فأدركت أبا هريرة فقلت له: تقرأ بسورتين كان علي يقرأ بهما بالكوفة؟ قال أبو هريرة: إني «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما» وفي الباب عن ابن عباس، والنعمان بن بشير، وأبي عنبة الخولاني: «حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح» وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان يقرأ في صلاة الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية»
كانَ الصَّحابَةُ رَضِي اللهُ عنهم يَتعلَّمونَ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، ثمَّ يُطبِّقونَ ما تَعلَّموه، فتَوافَقُوا في كَثيرٍ مِن الأعمالِ رغْمَ اختِلافِ أماكنِهم.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عُبيدُ اللهِ بنُ أبي رافعٍ المدنيُّ مَولى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ مَرْوانَ بنَ الحكمِ أميرَ المدينةِ حِين كان واليًا عليها أيَّامَ مُعاوِيةَ بنِ أبي سُفيانَ رَضِي اللهُ عنه، استَخلَفَ أبا هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه على المَدينةِ، وخرَجَ هو إلى مكَّةَ، فصَلَّى بهم أبو هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه الجُمُعةَ، وقرَأَ في الرَّكعةِ الأُولى سُورَةَ الجمُعةِ، وفي الرَّكعةِ الأخيرَةِ سُورةَ (المنافِقون)، فذهَبَ ابنُ أبي رافعٍ إلى أَبي هُرَيرةَ حينَ انتهى مِن الصَّلاةِ، فقالَ له: إنَّكَ قرَأتَ بسُورتَينِ كانَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عنه يَقرَأُ بِهما بالكُوفَةِ حِينما كان يُصلِّي إمامًا، وكأنَّ عُبيدُ اللهِ يَتساءَلُ: هلْ هُناكَ سَببٌ لهذا التَّوافُقِ؟ فأخبرَهُ أبو هُريرَةَ رَضِي اللهُ عنه بالسَّببِ الَّذي جعَلَهما يتَوافَقانِ في قِراءتَها في نفْسِ الصَّلاةِ رَغْمَ بُعْدِ أماكنِهما، وهو: أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَقرَأُ بهما يومَ الجمُعةِ؛ ولعلَّ ذلكَ لاشتِمالِ سُورةِ (الجمُعةِ) على ذكْرِ الجمُعةِ وتَعظيمِها، ولأنَّ سُورةَ (المنافِقون) فيها تَوبيخٌ للمُنافِقين، وحضٌّ لهم على التَّوبةِ؛ لأنَّهم كانُوا يَحضُرون الجمُعةَ معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ويَجتمِعُون فيها؛ فلعلَّ ما فيها يَرْدَعُهم، ويُوقِظُهم ويُنبِّهُهم.