باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل 5
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن برد ابن سنان، عن عبادة بن نسي، عن غضيف بن الحارث، قال:
أتيت عائشة فقلت: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجهر بالقرآن أو يخافت به؟ قالت: ربما جهر وربما خافت، قلت: الله أكبر، الحمد لله الذي جعل في هذا الأمر سعة (2).
كانتْ أمَّهاتُ المؤمِنينَ رِضوانُ اللهِ عليهنَّ يَنقُلنَ للنَّاسِ عِبادةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيتِه؛ مِن قيامِ اللَّيلِ ووِتْرِه وقراءتِه، وكان النَّاسُ يَسألُونهنَّ؛ حتَّى يتَعلَّموا سُنَّتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ عبدُ اللهِ بنُ أبي قيسٍ: "سألتُ عائشةَ عن وِترِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، يَعني: كيف كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي الوترَ؟ وما هو الوقتُ الذي يُوتِرُ فيه؟ فقالت عائشةُ رضي اللهُ عنها: "ربَّما أوترَ أوَّلَ اللَّيلِ"، تَعني: ربَّما صلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ الوترِ في أوَّلِ اللَّيلِ، "ورُبَّما"، أي: في أحيانٍ أخرى "أوتَرَ مِن آخِرِه"، أي: يَكونُ وِترُه في آخِرِ اللَّيلِ.
ثمَّ سألَها: "كيف كانتْ قِراءتُه" صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعني: في الصَّلاةِ؛ "أكان يُسِرُّ بالقِراءةِ"، يَعني: هل كانت قِراءتُه سِرًّا، "أم يَجهَرُ"؛ أم تَكونُ قِراءتُه مَسموعةً؟ فقالت عائشةُ رضي اللهُ عنها: "كلَّ ذلك كان يَفعَلُ"، تَعني: ربَّما أسرَّ بالقِراءةِ، وربَّما جهَر بالقراءةِ وكانَت مَسموعةً، "وربَّما اغتسَل"، تَعني: مِن الجنابَةِ، "فنام، وربَّما توضَّأَ فنام"، أي: دون أن يَغتسِلَ.
وفي الحديثِ: الحِرصُ على مَعرفةِ سُننِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: بيانُ أنَّ الدِّينَ يُسرٌ لا عسرٌ، وقد بيَّن ذلك النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بهَدْيِه وسُنَّتِه.