باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل 4
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا جرير بن حازم، عن قتادة
قال: سألت أنس بن مالك عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: كان يمد صوته مدا (1).
القرآنُ الكريمُ كَلامُ اللهِ عزَّ وجَلَّ أنزله على نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقرأه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما علَّمه اللهُ إيَّاه، وحرَص الصَّحابةُ الكِرامُ على نَقْلِ هَدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في القِراءةِ إلى مَن بَعْدَهم، حتى قرأه المسلِمون جيلًا بعد جيلٍ، كما قرأه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أَنَسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ قِراءةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِلقرآنِ كانتْ مَدًّا، أي: ذات مَدٍّ، والمدُّ: هو إطالةُ الصَّوتِ عند النُّطقِ بالحَرفِ، والمرادُ: أنَّه كان يَمُدُّ ما كان في كلامِه مِن حروفِ المدِّ واللِّينِ، وذلك بالقَدْرِ والشَّرطِ المعروفِ في عِلمِ التجويدِ.
ثم قرأ أنسُ بنُ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه البسملة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]؛ ليوضِّحَ ذلك بالمثالِ: يَمُدُّ بـ{بِسْمِ اللَّهِ}، يعني: في ألِفِ لَفظِ الجلالةِ، مدًّا أصليًّا. ويَمُدُّ بـ{الرَّحْمَنِ}، يعني الألِفَ بعد الميمِ في لَفْظِ (الرَّحمَنِ)، ويَمُدُّ بـ{الرَّحِيمِ}، يعني: في الياءِ، مدًّا أصليًّا أو مَدًّا عارِضًا للسُّكونِ.
وفعَلَ ذلكَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم امتثالًا لأمْرِ رَبِّه سُبحانَه بالتَّرتيلِ، وأنْ يَقرأَه على مُكْثٍ، وألَّا يُحرِّكَ به لِسانَه لِيَعجَلَ به، فامْتَثَلَ أمْرَ ربِّه، فكانَ يَقرَؤُه على مَهْلٍ؛ لِيَسُنَّ لأُمَّتِه كَيف يَقرؤونَ ويتَدَبُّرون القُرآنَ ويَفْهَمونه.
وفي الحَديثِ: بيانُ هَدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قراءةِ القُرآنِ.