‌‌باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر

حدثنا قتيبة، ومحمد بن المثنى، قالا حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب»، وفي الباب عن علي، وأنس، وأبي هريرة، وابن عباس، وخفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري،: «حديث البراء حديث حسن صحيح» واختلف أهل العلم في القنوت في صلاة الفجر، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: القنوت في صلاة الفجر، وهو قول الشافعي " وقال أحمد، وإسحاق: لا يقنت في الفجر إلا عند نازلة تنزل بالمسلمين، فإذا نزلت نازلة فللإمام أن يدعو لجيوش المسلمين "
‌‌

كان أصْحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورضِيَ اللهُ عنهمْ شَديدي الحِرصِ عَلى اتِّباعِ هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ونَشْرِ سُنَّتِه وتَعليمِها لِمَن بعدَهم، خُصوصًا بيانَ هدْيهِ في الصَّلاةِ، كما في هذا الحديثِ، الذي يَنقُلُ أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه لمَن حَضَرَه صِفةَ صَلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ التي كان يَقنُتُ فيها ويدْعو للمُؤمنِينَ ويَلْعَنُ الكُفَّارَ، فيَقولُ: لَأُقَرِّبَنَّ إلى أفهامِكم بالبَيانِ العمَليِّ صَلاةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حيث أصَلِّي كما صلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فخُذوا بصَلاتي؛ لتُدرِكوا صَلاتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ قنَتَ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه بعدَ القيامِ مِن الرُّكوعِ في صَلاةِ الظُّهرِ والعِشاءِ والفجرِ، يَدْعو للمُؤمِنين ويَلعَنُ الكافرينَ.

والقُنوتُ المرادُ هنا هو الدُّعاءُ في حالِ القِيامِ في الصَّلاةِ، ويكونُ بعدَ الرَّفعِ مِن الرُّكوعِ في الرَّكعةِ الأخيرةِ، وهذا نصٌّ صَريحٌ في كَونِ القُنوتِ المذكورِ في هذه الصَّلواتِ قد فَعَلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو مَحمولٌ على قُنوتِ النَّوازلِ، وقد قَنَتَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدْعو على المُشركين الَّذين قتَلوا أصحابَه في بئرِ مَعُونةَ، وثبَتَ عنه أيضًا أنَّه قنَتَ على كُفَّارِ قُرَيشٍ، فأراد أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يُبيِّنَ للناسِ أنَّ صَلاةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان فيها قُنوتٌ في بَعضِ الأحيانِ، فيَنْبغي أنْ تَقتَدوا به في ذلك.

وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ القُنوتِ في الصَّلاةِ، ولَعْنِ الكُفَّارِ الظالِمينَ المُعتدِينَ فيه.