باب ما جاء في اللعنة3
سنن الترمذى
حدثنا زيد بن أخزم الطائي البصري قال: حدثنا بشر بن عمر قال: حدثنا أبان بن يزيد، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، أن رجلا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تلعن الريح فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه»: هذا حديث غريب لا نعلم أحدا أسنده غير بشر بن عمر
الرِّيحُ مُسخَّرةٌ بأمرِ اللهِ؛ فلا يصِحُّ لأحدٍ أنْ يلعَنَ خلقَ اللهِ المأمورَ بأمْرِه، وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ رجلًا لعَنَ الرِّيحَ"، أي: لمَّا آذَتْه، وفي لفظٍ، أي: في رِوايةٍ: "إنَّ رَجلًا نازعَتْه الرِّيحُ رداءَه على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فلعَنها"، أي: إنَّه قالَ: لعنَ اللهُ الرِّيحَ أو ما شابَه، بسببِ جذبِها ثوبَه أو كَشفِها له، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "لا تلْعَنها فإنَّها مأمورةٌ"، أي: إنَّها لا تَسيرُ مِن تِلقاءِ نفسِها ولكنْ ما تفعلُه الرِّيحُ فهوَ مِن أمرِ اللهِ لها، إمَّا بالرَّحمةِ، أو بالنِّقمةِ؛ "وإنَّه مَن لَعنَ شَيئًا ليسَ له بأهلٍ رجَعتِ اللَّعنةُ عليه"، أي: مَن دَعا على شَيءٍ باللَّعنِ والطَّردِ مِن رحمةِ اللهِ ولم يكنْ ذلكَ الشيءُ مستحِقًّا للَّعنةِ، ارتدَّتِ اللعنةُ والدعوةُ على اللاعِنِ؛ فكانَ هو المطرودَ مِن رحمةِ اللهِ تَعالى.
وفي الحديثِ: الزَّجْر والتَّحذيرُ من الدُّعاءِ باللَّعنةِ والطَّردِ مِن رَحمةِ اللهِ تَعالى على مَن لا يستحِقُّها.
وفيهِ: أنَّ مَن دَعا على شيءٍ دُونَ وجهِ حقٍّ ارتدَّت عليه دعوتُه.