باب ما جاء في المزاح3
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي، عن حميد، عن أنس بن مالك، أن رجلا استحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني حاملك على ولد الناقة» فقال: يا رسول الله، ما أصنع بولد الناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهل تلد الإبل إلا النوق؟»: هذا حديث صحيح غريب
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُمازِحُ أصحابَه رَضِيَ اللهُ عَنْهم، ولا يَقولُ إلَّا صِدْقًا.
وفي هذا الحديثِ يَحكِي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: "أنَّ رَجُلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقال: يا رسولَ اللهِ، احْمِلني"، أي: أَعْطني ما يَحْمِلُني وأَرْكَبُ عليه من الدَّوابِّ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُمازِحًا له: "إنَّا حامِلوكَ على ولَدِ ناقةٍ"، أي: نُعْطيكَ ولَدَ النَّاقةِ لتَرْكَبَه، قال الرَّجُلُ: "وما أَصْنَعُ بولَدِ النَّاقَةِ؟"، وهذا لظِنِّه أنَّه يَقْصِدُ الصَّغيرَ مِنْ ولَدِ النَّاقةِ الَّذي لا يَصْلُحُ للرُّكوبِ، ممَّا كان يَشْتَهِرُ في لُغَةِ العامَّةِ أنَّ وَلَدَ الحيوانِ صَغيرُها، ولو أراد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صغيرَها لقال له: فَصِيلٌ، "فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وهل تَلِدُ الإبلَ إلَّا النُّوقُ"؟! أي: وهل تُولَدُ الإبلُ إلَّا مِنَ النُّوقِ وهي أُنْثى الجَمَلِ، والمعنى: أنَّ كلَّ الإبلِ هي مِن ولدِ الناقةِ؛ فعبَّر صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنْ لَفْظِ الولدِ والْمُرادُ بِه أنواعُ الإبلِ ذَكَرًا كان أو أُنْثى كبيرًا أو صغيرًا، وهذا مِنْ مُلاطفَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للرَّجُلِ، وهذا من باب التَّوريةِ؛ حيثُ أرادَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم العمومَ، وهذا الرجُلُ فَهِم شيئًا خاصًّا.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الممازحةِ بالتوريةِ بالصِّدقِ.