باب ما جاء في النهي عن الشرب قائما1
سنن الترمذى
حدثنا محمدبن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل قائما» فقيل: الأكل؟ قال: «ذاك أشد»: هذا حديث صحيح
كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعلِّمًا ومُربِّيًا، وكان يَهتَمُّ بأصحابهِ رَضيَ اللهُ عنهم وتَعليمِهم أُمورَ دِينِهم، ومِن ذلك تَعليمُهم الآدابَ الَّتي يَنْبغي مُراعتُها عندَ الطَّعامِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى أنْ يَشرَبَ المُسلِمُ وهو قائمٌ، وقد سَأل التَّابعيُّ قَتادةُ بنُ دِعامةَ أنسًا رَضيَ اللهُ عنه عَنِ الأكْلِ قائمًا، فأجابَ: أنَّ ذلك أشرُّ أو أخبثُ، فَالأكلُ والشُّربُ جالِسًا أحسنُ وأكملُ وأفضلُ من الأكْل والشُّربِ وَاقفًا.
وقدْ وَرَد عندَ التِّرمذيِّ مِن حَديثِ ابنِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما قال: «كنَّا نَأكُلُ على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونحن نَمْشي، ونَشرَبُ ونحْن قِيامٌ»، وقدْ ثَبَت أيضًا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرِبَ وهو قائمٌ في أكثَرَ مِن حَديثٍ، وفي الجمعِ بيْنَ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَشرَبُ قاعدًا وأنَّه نهَى عن الشُّربِ قائمًا: أنَّ النَّهيَ نَهْيُ تَنزيهٍ، لا نَهْيُ تَحريمٍ، وقدْ فعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأمرَينِ؛ للدَّلالةِ على أنَّ الأمْرَ في ذلك واسِعٌ، وذلك يكونُ بحَسَبِ حالِ الإنسانِ؛ فإذا احتاجَ أنْ يَأكُلَ قائمًا أو أنْ يَشرَبَ قائِمًا، فلا حرَجَ، وإنْ قعَدَ فهو الأفضَلُ.
وفي الحديثِ: بيانُ هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في تناوُلِ الطَّعامِ والشَّرابِ.