باب ما جاء في النهي عن قتل النساء والصبيان2
سنن الترمذى
حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: أخبرني الصعب بن جثامة قال: قلت يا رسول الله، إن خيلنا أوطأت من نساء المشركين وأولادهم، قال: «هم من آبائهم»: هذا حديث حسن صحيح
بيَّنَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الحرْبِ والجِهادِ في سبيلِ اللهِ؛ فكما نهى عن قتْلِ مَن لم يَشترِكْ في القِتالِ ضِدَّ المُسلمين، وعن قطْعِ الشَّجرِ والتَّخريبِ، فإنَّه بيَّنَ كيف يَتعاملُ المُجاهِدون مع الذُّرِّيةِ والصِّغارِ، وبيَّنَ حُكْمَ مَن قُتِلَ خطأً دُونَ قصدٍ.
كما في هذا الحديثِ، حيثُ يُخبِرُ الصَّعْبُ بنُ جَثَّامةَ رضِيَ اللهُ عنه قال: "قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ خيْلَنا أُوطِئَتْ من نِساءِ المُشرِكين وأولادِهم؟"، أي: داسَتْ بأقدامِها بَعضًا من نِساءِ المُشركين وأولادِهم دونَ قصدٍ لقتلِهم أثناءَ الغزْوِ والحرْبِ، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُوضِّحًا حُكْمَهم: "همْ من آبائِهم"، أي: هم في الحُكْمِ في تلك الحالةِ مِثْلُ آبائِهم، وليس المُرادُ إباحةَ قتْلِهم بطريقِ القَصْدِ إليهم، بلِ المُرادُ إذا لم يُمْكِنِ الوُصولُ إلى الآباءِ إلَّا بوطْءِ الذُّرِّيةِ، فإذا أُصيبوا لاختلاطِهم بهم جاز قتْلُهم، وهذا بَيانُ أنَّ قتْلَهم وإنْ كان قد نُهِيَ عنه، إلَّا أنَّه ليس فيه دِيةٌ ولا قِصاصٌ.
وفي الحديث: بيانُ تَنظيمِ الإسلامِ لأحْكامِ الحربِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ قَتْلِ الذُّريَّةِ والنِّساءِ عندَ الاضطرارِ، ودونَ تعمُّدِ قَتْلِهم في الحربِ، وأنَّ الأولادَ والزَّوجاتِ يأخذونَ حُكمَ الرِّجالِ المقاتِلةِ في الحرْبِ إذا كانوا سببًا في مَنْعِ الوُصولِ إلى مُقاتلةِ المشركينَ.