باب ما جاء في الوضوء ثلاثا ثلاثا
عن علي، «أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا»، وفي الباب عن عثمان، وعائشة، والربيع، وابن عمر، وأبي أمامة، وأبي رافع، وعبد الله بن عمرو، ومعاوية، وأبي هريرة، وجابر، وعبد الله بن زيد، وأبي، حديث علي أحسن شيء في هذا الباب وأصح. والعمل على هذا عند عامة أهل العلم: أن الوضوء يجزئ مرة مرة، ومرتين أفضل، وأفضله ثلاث، وليس بعده شيء. وقال ابن المبارك: «لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم»، وقال أحمد، وإسحاق: «لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى
كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم يُعلِّمون مَن بعدَهم سُنَّةَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقولهم وفعلهم، كما يُخْبِرُ التَّابعيُّ المُطَّلبُ بنُ عبدِ اللهِ في هذا الحديثِ: "أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ توضَّأَ ثلاثًا ثلاثًا"، أي: غسَلَ كلَّ عُضْوٍ من أعضاءِ الوُضوءِ ثَلاثَ مرَّاتٍ على التَّرتيبِ والتَّوالي، "يُسْنِدُ ذلك"، أي: يرفَعُ ابنُ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما هذا الفعْلَ، "إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، وهو أمْرٌ مُجْمَعٌ عليه بين أهلِ العِلمِ؛ أنَّ الوُضوءَ ثلاثًا ثلاثًا، وقد بيَّنَتِ الرِّواياتُ الصَّحيحةُ أنَّ هذا ما كان يفعَلُه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غالبِ الأحيانِ؛ لأنَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يتوضَّأُ على كيفيَّاتٍ مُتعدِّدةٍ: مَرَّةً مَرَّةً، ومرَّتَينِ مرَّتَينِ، وثلاثًا ثلاثًا، ويَغسِلُ بعضَ الأعضاءِ مرَّتينِ وبعضَها ثلاثًا، وإنَّما اختلَفَ فِعْلُه في ذلك ليَرى أُمَّتُه التَّيسيرَ فيه، وأنَّ الوُضوءَ أقلُّه مرَّةٌ، وأكثَرُه ثلاثُ مرَّاتٍ لكلِّ عُضْوٍ مع الإسباغِ.