‌‌باب ما جاء في كراهية أكل الأضحية فوق ثلاثة أيام

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في كراهية أكل الأضحية فوق ثلاثة أيام

حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يأكل أحدكم من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام» وفي الباب عن عائشة، وأنس: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح، وإنما كان النهي من النبي صلى الله عليه وسلم متقدما ثم رخص بعد ذلك
‌‌

الأُضحِيَّةُ مِن أعظمِ شَعائرِ الإسلامِ، وهي اسمٌ لما يُذبَحُ مِن بهيمةِ الأنعامِ تقربًا إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ في عيدِ الأضحى، وهي عِبادةٌ مؤقَّتةٌ، يَدخُلُ وَقتُها بعْدَ صَلاةِ العِيدِ وخُطبتِه، ويستَمِرُّ حتى غروبِ شَمسِ آخِرِ أيَّامِ التشريقِ اليومَ الثَّالِثَ عَشَرَ مِن شَهرِ ذِي الحِجَّةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ التَّابعيُّ عابِسُ بنُ ربيعةَ النَّخعيُّ أنَّه سأل أمَّ المؤمِنينَ عَائِشَةَ رضِي اللهُ عنها عَنْ نَهْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أكْلِ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ بعْدَ ثَلاثةِ أيَّامٍ، فقالت: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَمَر بذلك في عامٍ واحدٍ فقط كانتْ فيه مَجَاعَةٌ وضِيقٌ على النَّاسِ، فقد وقع قَحطٌ بِالباديَةِ، فدَخَلَ أَهلُها المدينةَ يَطلُبون الطَّعامَ، فأراد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يواسي المُضَحُّون هؤلاءِ المساكِينَ؛ فنهى أصحابَه رَضِيَ اللهُ عنهم عن ادِّخار لحومِ الأَضَاحِيِّ فوقَ ثَلاثةِ أيَّامٍ، فلمَّا زالت عِلَّةُ النَّهيِ، أباح لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَدَّخِروا من لحومِها، حتى إنَّ أمَّ المؤمنينَ عَائِشَةَ رضِي اللهُ عنها تذكُرُ أنَّهم كانوا يَدَّخِرون ما يَدِقُّ ويَصغُرُ مِن سِيقَانِ الغَنَمِ وغيرِها في البيتِ أكثرَ مِن خَمْسَةَ عَشَرَ يومًا من ذَبحِ الأضحِيَّةِ، فقِيل لها: ما اضْطَرَّكُمْ إلى ذلك؟ فضَحِكتْ تَعجُّبًا مِن السُّؤالِ عن ذلك مع ما كانوا فيه مِن ضِيقِ العَيْش، ثُمَّ قالت: ما شَبِع آلُ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ -أي: مأكول بالأُدْمِ، وهو كلُّ ما يُؤكَلُ به الخُبزُ من الأطعِمَةِ- ثَلاثةَ أيامٍ مُتَوالِيةً حتَّى لَحِق باللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي الحديثِ: بَيانُ سَبَبِ نَهْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ادِّخارِ لحومِ الأضاحيِّ فوقَ ثلاثةِ أيَّامٍ.
وفيه: ما كان عليه آلُ بَيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من شِدَّةِ العَيشِ وزُهدٍ في نَعيمِ الدُّنيا.
وفيه: فِقهُ أمِّ المؤمِنينَ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها.