‌‌باب ما جاء في بيعة النساء

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في بيعة النساء

حدثنا قتيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، سمع أميمة بنت رقيقة، تقول: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة، فقال لنا: «فيما استطعتن وأطقتن»، قلت: الله ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا، قلت: يا رسول الله، بايعنا، - قال سفيان: تعني صافحنا، - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة» وفي الباب عن عائشة، وعبد الله بن عمر، وأسماء بنت يزيد: هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث محمد بن المنكدر. وروى سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وغير واحد هذا الحديث، عن محمد بن المنكدر نحوه. وسألت محمدا عن هذا الحديث، فقال: لا أعرف لأميمة بنت رقيقة غير هذا الحديث، وأميمة امرأة أخرى لها حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
‌‌

كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يُصافِحُ النِّساءَ، ونَهَى عن مُصافحةِ الرِّجالِ للنِّساءِ الأجنبيَّاتِ، وهنَّ غيرُ محارمِ الرَّجُل، وفي هذا الحديثِ تقولُ أُميمةُ بنتُ رُقَيقةَ رَضِي اللهُ عَنها: "أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في نِسوةٍ مِن الأنصارِ نُبايِعُه، فقُلنا: يا رَسولَ اللهِ، نُبايِعُك على: ألَّا نُشرِكَ باللهِ شيئًا، ولا نَسرِقَ، ولا نَزنِيَ، ولا نأتِيَ ببُهتانٍ نَفتريه بين أيدينا وأرجُلِنا"، أي: بكذبٍ يَختلِقونه مِن عند أنفُسِهنَّ، "ولا نَعصيك في معروفٍ"، أي: ولا يُخالِفْن في أمرٍ لم يَنْهَ الشَّرعُ عنه، فقال لهنَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فيما استَطَعتُنَّ وأطَقْتُنَّ"، أي: أُبايِعُكنَّ على ما قدَرْتُنَّ عليه وهذا مِن الشَّفقةِ والرَّحمةِ بهِنَّ مِنْه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، قالت أُميمةُ رَضِي اللهُ عَنها: "قُلنا: اللهُ ورسولُه أرحَمُ بِنا"، وهذا بيانٌ لرِفْقِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ورحمتِه بهِنَّ، "هَلُمَّ نُبايِعْك، يا رسولَ اللهِ"، أي: يُطالِبْنَه أن يُبايِعْنه بمِثلِ مُبايَعةِ الرِّجالِ له صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وهي المصافَحةُ بالأيدي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنِّي لا أُصافِحُ النِّساءِ"، أي: لا أمَسُّ أيديَهنَّ، "إنَّما قَولي لِمائةِ امرأةٍ، كقَولي لامرأةٍ واحدةٍ- أو مثلُ قولي لامرأةٍ واحدةٍ-"، بيانٌ منه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّ القولَ والمشافَهةَ للنِّساءِ في البيعةِ كافيةٌ ومقصورةٌ على ذلك فقط.
وفي الحَديثِ: بيانُ ما كان عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الشَّفقةِ والرَّحمةِ بأمَّتِه.
وفيه: أنَّ الرِّجالَ لا يُصافِحون النِّساءَ الأجنَبيَّاتِ بالأيدي .