باب ما جاء لا يرد القدر إلا الدعاء
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن حميد الرازي، وسعيد بن يعقوب، قالا: حدثنا يحيى بن الضريس، عن أبي مودود، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر»: وفي الباب عن أبي أسيد وهذا حديث حسن غريب من حديث سلمان لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن الضريس، وأبو مودود اثنان، أحدهما: يقال له: فضة، والآخر: عبد العزيز بن أبي سليمان، أحدهما بصري والآخر مدني، وكانا في عصر واحد، وأبو مودود الذي روى الحديث اسمه فضة بصري
جعَل اللهُ سبحانه وتعالى بحِكمَتِه لكلِّ شيءٍ في هذه الدُّنيا سَببًا؛ فجعَل الولَدَ يأتي بالزَّواجِ، والمريضَ يُشْفى بالدَّواءِ، وكذلك جعَل القَضاءَ يُرَدُّ بالدُّعاءِ، والعُمرَ يَزيدُ بالبِرِّ، كما يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ: "لا يَرُدُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ"، أي: الأمرَ المقدَّرَ، فالدُّعاءُ يَكونُ سببًا في عَدَمِ نُزولِ البلاءِ المقدَّرِ لذلك الشَّخصِ، وقيل: رَدُّه هو تَهْوينُ وتَخفيفُ ما نزَل على العبدِ مِنه، "ولا يَزيدُ في العُمرِ إلَّا البِرُّ"، أي: الطَّاعاتُ، والإحسانُ إلى الوالِدَينِ والأرحامِ وسائرِ النَّاسِ؛ فهي سَببٌ في زيادةِ العُمرِ، وقيل: الزِّيادةُ المَعنِيَّةُ هي البرَكةُ في وَقتِه وعُمرِه، وكلٌّ مِن رَدِّ القضاءِ بالدُّعاءِ، وزيادةِ العمرِ بالبِرِّ- إنَّما هُما مِن الأمورِ المكتوبةِ للشَّخصِ عندَ اللهِ سبحانه وتعالى في اللَّوحِ المحفوظِ، وقد سبَقَتْ في عِلمِ اللهِ سبحانه وتعالى، لكنَّ الأمرَ فيها من بابِ الأسبابِ والمسبِّباتِ، كالدَّواءِ للمَريضِ، ونحوِ ذلك.
وفي الحديثِ: تَقديرُ اللهِ سبحانه وتعالى للجزاءِ وسَببِه.
وفيه: الإرشادُ إلى كَثرةِ الدُّعاءِ والتَّضرُّعِ إلى اللهِ في كلِّ الأحوالِ.