‌‌باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها

حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا محمد بن الفضيل، عن أبي سفيان، طريف السعدي عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، ولا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد، وسورة في فريضة أو غيرها»، وفي الباب عن علي، وعائشة «وحديث علي بن أبي طالب أجود إسنادا وأصح من حديث أبي سعيد، وقد كتبناه في أول كتاب الوضوء» والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: إن تحريم الصلاة التكبير، ولا يكون الرجل داخلا في الصلاة إلا بالتكبير " سمعت أبا بكر محمد بن أبان، يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول: «لو افتتح الرجل الصلاة بسبعين اسما من أسماء الله تعالى ولم يكبر لم يجزه، وإن أحدث قبل أن يسلم أمرته أن يتوضأ، ثم يرجع إلى مكانه ويسلم، إنما الأمر على وجهه» وأبو نضرة اسمه المنذر بن مالك بن قطعة "

للصَّلاةِ أرْكانٌ وواجِباتٌ وسُنَنٌ وآدابٌ، وعلى كُلِّ مُسلِمٍ أنْ يُلِمَّ بها، ويَأتيَ بها على أكمَلِ وَجهٍ في كُلِّ صَلاةٍ ما استَطاعَ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مِفْتاحُ الصَّلاةِ الطُّهورُ"، والمَعْنى أنَّ الأصْلَ في الصَّلاةِ أنْ يكونَ المُسلِمُ على طَهارةٍ، إمَّا مِن الحَدَثِ الأكبَرِ بالغُسلِ، أوِ الحَدَثِ الأصغَرِ بالوُضوءِ، وأنَّ الفِعلَ الَّذي يَجعَلُ المرءَ على استِعْدادٍ للدُّخولِ في الصَّلاةِ هو الوُضوءُ، فكأنَّه المِفْتاحُ الَّذي بدونِهِ لن يُفتَحَ البابُ، فكذلِكَ لَن يَدخُلَ أحَدٌ الصَّلاةَ إلَّا إذا توضَّأَ ما لم يمنَعْهُ مانِعٌ شرعيٌّ يَرفَعُ عنه الوُضوءَ، ويُجزِئُ عنه التَّيمُّمُ في حالاتِ فِقْدانِ الماءِ أو عَدَمِ استِطاعةِ الوُضوءِ.
"وتَحْريمُها التَّكْبيرُ"، فيكونُ الشُّروعُ فيها والبَدْءُ بتَكْبيرةِ الإحْرامِ، وهي التَّكبيرةُ الأُولى في الصَّلاةِ؛ وسُمِّيتْ بذلك؛ لأنَّها تُحرِّمُ كلَّ شيءٍ ليس مِن الصَّلاةِ أنْ يُفعَلَ بها؛ مِن كَلامٍ، وأكْلٍ، وشُربٍ، وغيرِ ذلك.
"وتَحْليلُها التَّسْليمُ" بمَعْنى أنَّ الانتِهاءَ والانصِرافَ منها يكونُ بالتَّسْليمِ؛ ليَحِلَّ بذلك للمُسلِمِ ما قد مُنِعَ عنه في الصَّلاةِ.
"ولا صَلاةَ لِمَنْ لم يَقرَأْ بالحَمدُ وسُورةٍ، في فَريضةٍ أو غَيرِها"، فلا تَصِحُّ الصَّلاةُ إلَّا أنْ يَقرَأَ المُصلِّي في كُلِّ رَكْعةٍ منها سُورةَ الفاتِحةِ، وما تيسَّرَ مِن قِراءةِ القُرآنِ بعدَ الفاتِحةِ، سَواءٌ كانتِ الصَّلاةُ فَريضةً أو في تطوُّعِ نافِلةٍ.
وظاهِرُ هذا الحَديثِ يُوجِبُ القِراءةَ بعدَ الفاتِحةِ؛ وهو مُعارَضٌ بما هو ثابِتٌ في الصَّحيحِ: أنَّ الفاتِحةَ تَكْفي عن غَيرِها، ولكنْ غيرُها لا يَكْفي عنها في الصَّلاةِ؛ فقد ثبَتَ في الصَّحيحَينِ عن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه قالَ: "في كُلِّ صَلاةٍ يُقرَأُ، فما أسْمَعَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أسْمَعْناكُم، وما أخْفَى عنا أخْفَيْنا عنكم، وإنْ لم تَزِدْ على أُمِّ القُرآنِ أجْزَأَتْ، وإن زِدْتَ فهو خيرٌ"
وفي الحَديثِ: بَيانُ أهميَّةِ الصَّلاةِ، وأنَّها مِن أعظَمِ أسْبابِ دُخولِ الجَنَّةِ .