باب ما جاء في تلقي الغائب إذا قدم
سنن الترمذى
حدثنا ابن أبي عمر، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن السائب بن يزيد قال: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك خرج الناس يتلقونه إلى ثنية الوداع»، قال السائب: فخرجت مع الناس وأنا غلام،: هذا حديث حسن صحيح
كان الصَّحابةُ يُحبُّونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حبًّا عظيمًا؛ ومن مظاهر ذلك: أنَّهم كانوا يستَقْبلونَه عند عَودَتِه من سفَرِه بالبِشرِ والتَّرحابِ والسُّرورِ.
وفي هذا الحديثِ، يَحكي السَّائبُ بنُ يَزيدَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه: «لَمَّا قَدِمَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن تَبوك»، أي: من غَزوةِ تَبوك، وكان ذلك سَنةَ تِسعٍ من الهجْرةِ، لِقتالِ الرُّومِ في شَمالِ الجَزيرةِ العَربيَّةِ جِهةَ الشَّام، وتَبعُدُ عن المَدينةِ 700 كم، «خَرَجَ النَّاسُ» أي: الصحابةُ «يَتلقَّونَه إلى ثَنِيَّةِ الوَداعِ»، وتقع على بُعدِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ أَوْ سَبْعةٍ من المدينة (10كم تقريبًا)، والثَّنِيَّةُ: الطريقُ في الجَبلِ كالنَّقبِ، وقيل: ما ارْتَفعَ من الأرْضِ، وثنِيَّةُ الوداعِ هي الَّتي مِن جِهةِ تَبوكَ في طريقِ الذَّاهبِ مِنَ المدينةِ إلى الشَّامِ، وسُمِّيتْ بذلك؛ وإليها كانوا يَخرُجون صِغارًا وكبارًا عند التَّلقِّي، وكانوا إذا ودَّعوا مُسافرًا خَرجوا معه إليها، قال السَّائبُ: «فخَرجْتُ مع النَّاسِ وأنا غُلامٌ»، وهذا يدُلُّ على أن مُختَلفَ النَّاسِ كانوا يَخرجونَ لِمُلاقاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الأسفار رجالًا ونساءً وأطفالًا.
وفي الحديث: مَشْروعِيَّةُ تَلقِّي الغازي العائدِ والمُسافِرِ.