‌‌باب ما جاء في دفن القتيل في مقتله

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في دفن القتيل في مقتله

حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود قال: أخبرنا شعبة، عن الأسود بن قيس، قال: سمعت نبيحا العنزي يحدث، عن جابر قال: لما كان يوم أحد جاءت عمتي بأبي لتدفنه في مقابرنا، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ردوا القتلى إلى مضاجعهم»: هذا حديث حسن صحيح، ونبيح ثقة
‌‌

للشُّهداءِ مَنزلةٌ عظيمةٌ ومكانةٌ جليلةٌ في الإسلامِ، وقد خصَّهم الشَّرعُ بعدَّةِ أمورٍ؛ إعظامًا لهم وتقديرًا على بَذْلِهم نفوسَهم في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنهما: "لَمَّا كان يومُ أُحُدٍ" عندَما انتهَتْ غزوةُ أُحُدٍ، "جاءَتْ عمَّتي"، وهي فاطمةُ بنتُ عمرِو بنِ حَرامٍ الأنصاريِّ، أختُ عبدِ اللهِ بنِ حَرامٍ أبي جابرٍ، "بأبي"، أي: بعبدِ اللهِ بنِ حَرامٍ، وكان قدِ استُشهِد في غزوةِ أُحُدٍ، "لتدفِنَه في مقابرِنا"، أي: حمَلَتْه وأرادَتْ أن تدفِنَه في المدينةِ في مقابرِهم، "فنادى مُنادي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: أرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رسولًا يُنادي في النَّاسِ: "رُدُّوا القَتْلى إلى مَضاجِعِها"، أي: أرجِعُوا الشُّهداءَ إلى الأماكنِ الَّتي قُتلوا فيها، وضَعُوا كلَّ شهيدٍ في نفسِ المكانِ الَّذي قُتل فيه، وادفِنوا كلَّ شهيدٍ في مكانِ مَقْتَلِه، ولا تَنقُلوه منه؛ وذلك تعظيمًا وتشريفًا للشُّهداءِ في تشبيهِهم بالأنبياءِ؛ حيث دُفِنَ كلُّ نبيٍّ في الموضِعِ الَّذي مات فيه، وأيضًا لأنَّ الأرضَ تَشهَدُ لهم حيث سالَتْ عليها دماؤُهم.