باب ما جاء في ثواب الشهداء3
سنن الترمذى
حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من عبد يموت له عند الله خير يحب أن يرجع إلى الدنيا، وأن له الدنيا وما فيها، إلا الشهيد، لما يرى من فضل الشهادة، فإنه يحب أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل مرة أخرى»: هذا حديث صحيح قال ابن أبي عمر: قال سفيان بن عيينة: كان عمرو بن دينار أسن من الزهري
.وَعَدَ اللهُ الَّذين يُقتَلون في سَبيلِه الفضْلَ العظيمَ؛ قال تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111].
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه «ما مِن عَبْدٍ يَمُوتُ، له عِندَ اللهِ خَيرٌ» رآهُ بعْدَ مَوتِه وما وَجَده مِن نَعيمٍ، «يَسُرُّهُ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنيا» مرَّةً أُخرى حتَّى وإنْ أُعطِيَ الدُّنْيا وما فِيها، إلَّا الشَّهيدَ؛ فإنَّه يَتمنَّى أنْ يُرجِعَه اللهُ عزَّ وجلَّ إلى الدُّينا، فيُقتَلَ في سَبيلِه مرَّةً أُخرى؛ وذلك بسَببِ ما يَراهُ وما يَجِدُه ممَّا يُعطِيه اللهُ للشَّهيدِ مِن النَّعِيمِ، والحَظِّ الَّذي فضَّله اللهُ به على غَيرِه في الآخرةِ؛ فإنَّه بهذا الحظِّ يَطمَعُ في مَزيدِ عَطاءِ اللهِ له؛ وذلك بأنْ يَرجِعَ ويُقتَلَ في سَبيلِه؛ لِيَسْتَزِيدَ مِن كَرامَةِ الله وتَنعِيمِه وفضلِه، بخلافِ غيرِه مِن الصَّالحينَ أصحابِ أعمالِ البِرِّ غيرِ الشَّهادةِ.
وقيل: سُمِّي المقتولُ في سَبيلِ اللهِ تعالَى شَهيدًا؛ لأنَّه حَيٌّ؛ فإنَّ رُوحَه شَهِدَت وحضَرَت دارَ السَّلامِ، وأرواحَ غيرِه إنَّما تَشهَدُها يومَ القيامةِ، وقيل: إنَّ اللهَ تعالَى ومَلائكتَه عليهم السَّلامُ يَشهَدون له بالجنَّةِ، وقيل: لأنَّه شَهِد عندَ خُروجِ رُوحِه ما أعَدَّه اللهُ تعالَى مِن الثَّوابِ والكَرامةِ.
وفي الحديثِ: بَيانُ عَظيمِ أجْرِ الشَّهيدِ وكَرامتِه، والحثُّ والتَّرغيبُ في الجِهادِ والقِتالِ في سَبيلِ اللهِ تعالى.