‌‌باب ما جاء في حد اللوطي1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في حد اللوطي1

حدثنا محمد بن عمرو السواق قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» وفي الباب عن جابر، وأبي هريرة. وإنما يعرف هذا الحديث، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الوجه وروى محمد بن إسحاق هذا الحديث، عن عمرو بن أبي عمرو، فقال: «ملعون من عمل عمل قوم لوط»، ولم يذكر فيه القتل، وذكر فيه «ملعون من أتى بهيمة»، وقد روي هذا الحديث عن عاصم بن عمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اقتلوا الفاعل والمفعول به». هذا حديث في إسناده مقال، ولا نعرف أحدا رواه عن سهيل بن أبي صالح، غير عاصم بن عمر العمري، وعاصم بن عمر يضعف في الحديث من قبل حفظه. واختلف أهل العلم في حد اللوطي، فرأى بعضهم: أن عليه الرجم أحصن أو لم يحصن، وهذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال بعض أهل العلم من فقهاء التابعين منهم: الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم، قالوا: حد اللوطي حد الزاني، وهو قول الثوري، وأهل الكوفة
‌‌

إنَّ مِن أعظمِ الفواحشِ وأخطرِها عَمَلَ قومِ لوطٍ، وهو إتيانُ الرَّجُلِ الرَّجلَ؛ لِمَا في ذلك مِن عَكسٍ للفِطرَةِ السَّليمةِ، وتَعَدٍّ على حُدودِ اللهِ تعالى، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَنْ وَجَدْتُموهُ"، أي مَنْ علِمْتم أنَّه، "يَعمَلُ عَمَل قومِ لوطٍ"، وهو أنْ يُجامِعَ الرَّجلُ الرَّجلَ في دُبُرِهِ، ونسَب الفِعلَ إلى قومِ لوطٍ؛ لأنَّه كان مِن عاداتِهم، واشْتَهروا به، ويُطلَق على الفِعلِ نفسِهِ لُوَاطٌ، و"لوط" نَبيٌّ مُكرَّمٌ من أنبياءِ اللهِ عزَّ وجلَّ، كان قد أُرسِل إليهم ونهاهم عن هذا الفِعلِ الفاحشِ، وأَمَرَهم بالحلالِ مِن إتيانِ النِّساءِ، ولكنَّهم عَصَوْهُ واستمرُّوا في فاحشتِهم؛ فأَهْلَكهم اللهُ عزَّ وجلَّ.
"فاقتُلوا الفاعلَ والمفعولَ به"، أي: يُقتَلُ الرَّجلانِ اللَّذانِ فَعَلَا اللُّوَاطَ حدًّا.
وقدِ اختُلِفَ في حدِّ مَن فعَلَ هذه الفاحِشةَ؛ لِأنَّ القرآنَ ذكَر أنَّ اللهَ أَرسلَ على قَومِ لُوطٍ حِجارةً مِنَ السَّماءِ، فقال بعضُ العلماءِ برَجْمهم لذلك، ولكنَّ الحَديثَ نَصَّ على أنَّ العقوبةَ القتلُ، فجمَع بعضُهم بين العُقوبتَيْنِ بالقتْلِ رَميًا من مكانٍ شاهِقٍ، ثم الرَّجْمِ، ومنهم مَن جَعَل حدَّ اللُّواطِ مِثلَ الزِّنا؛ فيُرجَمُ المُحصَنُ، ويُجْلَدُ غيرُ المُحصَنِ، بينما قال آخَرون: إنَّه يُعَزَّرُ ولا حَدَّ عليه، أو إنَّ الأمْرَ للحاكِمِ؛ إنْ شاء قَتَلَ وإنْ شاء عَزَّرَ.
وفي الحديثِ: اجْتِثاثُ أُصولِ الفاحشةِ والدَّاعينَ إليها والواقِعينَ فيها..