‌‌باب ما جاء في دفن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قبض

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في دفن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قبض

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو معاوية، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه، فقال أبو بكر: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما نسيته، قال: «ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه»، ادفنوه في موضع فراشه: " هذا حديث غريب، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي يضعف من قبل حفظه، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه، فرواه ابن عباس، عن أبي بكر الصديق، عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا
‌‌

مِن خَصائصِ الأنبِياءِ أنَّهم يُدفَنون حيثُ يَموتون، وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ رَضِي اللهُ عَنْها: "لَمَّا قُبِض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"، أي: قبَض اللهُ تعالى رُوحَه ولم يُدفَنْ بَعدُ، وكانت وفاةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم في العامِ الحادي عَشَرَ مِن الهجرةِ في الثَّاني عشَرَ مِن شهرِ ربيعٍ الأوَّلِ في بيتِ عائشةَ رَضِي اللهُ عَنْها، "اختَلَفوا"، أي: صَحابتُه رَضِي اللهُ عَنْهم، "في دَفنِه"، أي: في مكانِ دَفْنِه، فقال أبو بكرٍ رَضِي اللهُ عَنْه: "سمعتُ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم شيئًا"، أي: حَديثًا "ما نَسيتُه"، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "ما قبَضَ اللهُ نبيًّا إلَّا في الموضِعِ"، أي: في المكانِ "الَّذي يُحِبُّ"، أي: اللهُ عزَّ وجلَّ، أو النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، "أن يُدفَنَ فيه ادفِنوه في موضعِ فِراشِه"، أي: إنَّهم رَضِي اللهُ عَنْهم رفَعوا فِراشَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم الَّذي مات عليه، فحفَروا له، ثمَّ دُفِن، وكان موتُه صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يومَ الاثنينِ، وكان دفنُه في آخِرِ اللَّيلِ مِن ليلةِ الثُّلاثاءِ أو معَ الصُّبحِ، وقيل: دُفِن ليلةَ الأربِعاءِ.
وفي الحديثِ: فضيلةٌ ظاهرةٌ لأبي بَكرٍ رضِيَ اللهُ عنه، وبيانُ ما كان في الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنْهم مِن شدَّةِ امتِثالٍ لأوامرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم.