‌‌باب ما جاء في شراء القلادة وفيها ذهب وخرز

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في شراء القلادة وفيها ذهب وخرز

حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن أبي شجاع سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، عن فضالة بن عبيد، قال: اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا فيها ذهب وخرز، ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «لا تباع حتى تفصل» حدثنا قتيبة قال: حدثنا ابن المبارك، عن أبي شجاع سعيد بن يزيد بهذا الإسناد نحوه،: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم لم يروا أن يباع السيف محلى، أو منطقة مفضضة، أو مثل هذا بدراهم، حتى يميز ويفصل، وهو قول ابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقد رخص بعض أهل العلم في ذلك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم
‌‌

الرِّبا نَوعٌ مِن أنْواعِ الاسْتِغلالِ في الْمُعامَلاتِ، وفيه قدْرٌ كبيرٌ مِنَ الضَّررِ، وفيه سُحْتٌ وأخْذُ زِيادةٍ بالباطلِ، ومِن هنا كان مُحَرَّمًا في جَميعِ الشَّرائعِ، ومن أنْواعِ الرِّبا رِبَا الفَضلِ، وهو بيعُ المالِ الرِّبويِّ بِجنسهِ معَ زِيادةٍ في أحَدِ العِوَضَيْنِ، كَبَيعِ الدِّينارِ الذَّهبِ بِالدِّينارَينِ، والدِّرهمِ الْفِضَّةِ بِالدِّرْهَمَيْنِ.
وَفي هذا الحَديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ حَنشٌ الصَّنعانيُّ أنَّهم كانوا معَ الصَّحابيِّ فَضَالةَ بْنِ عُبَيْدٍ رَضيَ اللهُ عنه في غَزوةٍ، فوَقعَتْ قِلادةٌ من حُليِّ النِّساءِ الَّتي تُعلِّقُها المرأةُ في عُنقِها في نَصيبِه مِنَ الغَنيمةِ معَ مجموعةٍ من أصْحابِه، وكان فيها ذهبٌ وفِضَّةٌ وجوْهرٌ آخَرُ كاللُّؤلؤِ ونحوِه، فَأرادَ حَنشٌ أنْ يَشترِيَها كلَّها ويأخُذَ نَصيبَ أصْحابِه، فَسألَ فَضالةَ بنَ عُبيدٍ رَضيَ اللهُ عنه عن حُكمِ شِرائِها وكَيفيَّةِ شِرائِها بما فيها، فأمَرَه فَضالةُ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يَنزِعَ ذَهبَها ويَفصِلَه عنها، وأنْ يجعلَهُ في كِفَّةٍ مِنَ الميزانِ -وهي ما يُوضَعُ فيهِ الْمَوْزونُ- وَأنْ يجعَلَ ذَهبَه في الكِفَّةِ المقابِلةِ لها، حتَّى تَتحقَّقَ مُساواةُ الذَّهبِ بالذَّهبِ، ولا يكونَ بينَهما تَفاضُلٌ؛ إذ لا يمكنُ مَعرفةُ ذلك إلَّا بفَصلِه عنِ الجَواهِرِ، ثُمَّ لا يأخُذُ من ذهبِها إلَّا مِثلًا مُقابَلًا بِمثلٍ من ذهبِه الَّذي جعَلَه ثمنًا لها، وذلك حتَّى لا يَزيدَ أو يُزادَ عليهِ، فَيقعَ في الرِّبا الحرامِ؛ وكذلك يُباعُ ما فيها من فضَّةٍ  بمِثلِها بفضَّةٍ، ويُباعُ الجَوهرُ الآخَرُ بثَمنِه بما شاء منَ النَّقدِ، ثُمَّ علَّلَ ذلك بأنَّه سمِعَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «مَنْ كانَ يُؤمِنُ بِاللهِ» الَّذي خَلَقَه إيمانًا كامِلًا «وَاليومِ الآخِرِ» وهو يومُ القيامةِ الَّذي إلَيهِ مَعادُه وفيه مُجازاتُه بِعَمَلِه، فَلا يَشتريَنَّ منَ الذَّهبِ أو الفضَّةِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ في الوَزنِ دُونَ زِيادةٍ أو تَفاضُلٍ.
وفي الحَديثِ: التَّشْديدُ في شأْنِ الرِّبا، حيث رُبِطَ تَحريمُه بالإيمانِ باللهِ واليومِ الآخِرِ.