باب ما جاء في صلاة الاستسقاء3
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن هشام بن إسحاق وهو ابن عبد الله بن كنانة، عن أبيه، قال: أرسلني الوليد بن عقبة وهو أمير المدينة إلى ابن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأتيته، فقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متبذلا متواضعا متضرعا، حتى أتى المصلى، فلم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد»: «هذا حديث حسن صحيح»،
إظْهارُ العبْدِ خُضوعَه لرَبِّهِ مُتذلِّلًا له مُستيقِنًا بالإجابَةِ مُحسِنًا الظَّنَّ في ربِّهِ- أقرَبُ إلى حُضورِ قلْبِه فيما يَدْعو بهِ، واستِجابةِ دُعائِه.
وفي هذا الحديثِ: أنَّ عُثمانَ بنَ عُقْبةَ- وكان أميرَ المدينَةِ- جاء إلى ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما، يَسأَلُه عَن صِفةِ صَلاةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الاستِسْقاءِ؛ والاستِسْقاءُ هو طلَبُ الدُّعاءِ بنُزولِ المطَرِ والغيْثِ، فوصَفَ ابنُ عبَّاسٍ حالَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في دُعائِه وصلاتِه، بقولِه: خرَج رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "مُتبذِّلًا"، يَعني: ليس مُتجمِّلًا ولا لابِسًا أحسَنَ ثيابِه؛ بل مُتواضِعًا مُظهِرًا للخُشوعِ "مُتضرِّعًا"، يَعني: مُتذلِّلًا يَدعو اللهَ مُلِحًّا في دُعائِه، حتَّى أتى المُصلَّى في هَيئتِه تِلك، زاد عُثمانُ أحَدُ رُواةِ الحَديثِ: "فرَقِيَ"، أي: صعِدَ على المِنبَرِ، "ولم يَخطُبْ خُطَبَكم"، قيل: إنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خطَبَ، لكنَّ خُطبتَه لم تكُنْ كخُطبَةِ الجمُعةِ؛ وإنَّما هي خُطبَةٌ واحِدةٌ، "فلم يزَلْ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الدُّعاءِ والتَّضرُّعِ"، يعني: يَدْعو اللهَ ويتَضَرَّعُ إليهِ، "والتَّكبيرِ، ثمَّ صلَّى رَكعتَينِ كما يُصلِّي في العِيدِ"، يعني: في هَيئةِ صَلاةِ العِيدِ؛ مِن حيثُ عدَدُ الرَّكَعاتِ، والجهْرُ بالقِراءةِ.
وقد ورَدَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يَجهَرُ بالقِراءةِ في الاستِسْقاءِ، ويُصلِّي قبلَ الخُطبَةِ، ويُكبِّرُ في الاستِسْقاءِ سَبعًا وخَمسًا، ويُحوِّلُ رِداءَه؛ فيَجعلُ ما باليَمينِ على الشِّمالِ والعَكسَ.
وفي الحديثِ: بيانٌ لأدَبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في دُعائِه.
وفيهِ: صُعودُ الإمامِ على المِنبَرِ للاستِسْقاءِ.