‌‌باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر2

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر2

حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود، قال: أنبأنا شعبة، عن الأعمش، قال: سمعت يحيى بن سام، يحدث عن موسى بن طلحة، قال: سمعت أبا ذر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر، إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة» وفي الباب عن أبي قتادة، وعبد الله بن عمرو، وقرة بن إياس المزني، وعبد الله بن مسعود، وأبي عقرب، وابن عباس، وعائشة، وقتادة بن ملحان، وعثمان بن أبي العاص، وجرير.: " حديث أبي ذر حديث حسن، وقد روي في بعض الحديث: أن من صام ثلاثة أيام من كل شهر كان كمن صام الدهر "
‌‌

في هذا الحديثِ يَحُثُّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على صِيامِ ثلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ، ويُخصِّصُها بأواسطِ الشَّهرِ مِن الأيَّامِ البِيضِ الَّتي يَكتَمِلُ فيها القَمرُ، وفيه يَقولُ أبو ذرٍّ الغِفاريُّ رَضِي اللهُ عَنه: "أمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن نَصومَ مِن الشَّهرِ ثلاثةَ أيَّامِ البِيضِ: ثلاثَ عَشْرةَ، وأربعَ عشْرةَ، وخمسَ عشْرةَ"، وهذا أمرُ إرشادٍ بصِيامِ الأيَّامِ البِيضِ؛ لِما فيها مِن عَظيمِ فَضلٍ، وسُمِّيَت بالأيَّامِ البِيضِ؛ لأنَّها هي الثَّلاثةُ الأيَّامِ الَّتي يَكتَمِلُ فيها القَمرُ، وفي سُننِ أبي داودَ، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "هُنَّ كهيئةِ الدَّهرِ"، أي: إنَّ صِيامَ ثلاثةِ أيَّامٍ البِيضِ يكونُ صِيامَ الشهر؛ لأنَّ الحَسنةَ بعَشرِ أمثالِها، وصِيامَ ثَلاثةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شهرٍ كصِيامِ الدَّهرِ؛ وهذا لِمَا في صِيامِها مِن الخيرِ والبركةِ. وقدْ كان للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أحوالٌ مُتعدِّدةٌ في الصِّيامِ وأخبَر كُلُّ صَحابيٍّ بما عَلِم أو بما رأَى؛ فكلُّ مَن رآه فعَل نوعًا ذَكَرَه، ولعل الذي أمَرَ به وحثَّ عليه أَوْلَى مِن غيرِه؛ لأنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم كان يَعرِضُ له ما يَشغَلُه عن مراعاةِ ذلك، أو كان يَفعَلُ ذلك لبيانِ الجوازِ، وكلُّ ذلك في حقِّه أفضلُ، وبهذا تَتَّفِقُ جَميعُ الأخبارِ الصِّحاحِ الوَاردةِ عن النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في صَومِ التطوُّعِ؛ فقدْ ورَدَتْ أحوالٌ متعدِّدةٌ في صِيامِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم تَطوُّعًا مِن الشَّهرِ؛ ففي صَحيحِ مُسلمٍ: أنَّ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها سُئِلَت: أكان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَصومُ مِن كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ؟ قالَت: نعَم، فقيل: مِن أيِّ أيَّامِ الشَّهرِ؟ قالتْ: لم يَكُن يُبالي مِن أيِّ أيَّامِ الشَّهرِ يصومُ"؛ فلم تُحدِّدْ .