‌‌باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص3

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص3

حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني سليم بن عامر قال: حدثنا المقداد، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قيد ميل أو اثنين» - قال سليم: لا أدري أي الميلين عنى؟ أمسافة الأرض، أم الميل الذي يكحل به العين؟ - قال: «فتصهرهم الشمس، فيكونون في العرق بقدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى عقبيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاما» فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده إلى فيه: أي يلجمه إلجاما: «هذا حديث حسن صحيح» وفي الباب عن أبي سعيد، وابن عمر

يومُ القيامةِ يَومٌ عظيمٌ، وأهوالُه ومَواقفُه مُتعدِّدةٌ؛ منَ الحَشرِ، وانتِظارِ الحِسابِ، والمرورِ على الصِّراطِ وغيرِ ذَلك.
وفي هذا الحديثِ يقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «تدنى الشَّمس يومَ القيامةِ منَ الخَلقِ» فتَقترِبُ منهم وتكونُ فوْقَهم «حتَّى تكونَ منهم كمِقدارِ مِيلٍ» والمِيلُ: اسمٌ مُشترَكٌ بيْن مَسافةِ الأرضِ، والمِرْودُ الَّذي تُكحَّلُ به العيْنُ، ولذلكَ أشْكَلَ المرادُ على سُليمِ بنِ عامرٍ -أحدِ رُواةِ الحديثِ- فقال مُقسِمًا: «فَواللهِ ما أدْري ما يَعني بالمِيلِ؟ أَمسافةُ الأرضِ» أي: أَراد المَسافةَ الَّتي هيَ عندَ العَربِ مِقدارُ مَدِّ البصرِ منَ الأرضِ، أمِ الميلُ الَّذي يُؤخَذُ به الكُحلُ مِن المُكحُلةِ، ثمَّ يُمسَحُ به على الأجفانِ حتَّى تَكتِحلُ به العينُ.
ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ العرَقَ سيَغمُرُ النَّاسَ ويَكونُ على قَدرِ أَعمالِهم في كَثرةِ العَرَقِ وقِلَّتِه؛ فمِنهم مَن يَكونُ عَرَقُه إلى كَعبيْه، ومِنهم مَن يَكونُ عَرَقُه إلى رُكبتَيْه، ومِنْهم مَن يَكونُ إلى حِقوَيْه، وهوَ مَعقِدُ الإِزار، وهو الخاصرةُ، أو طَرَفا الوَركَيْنِ، ومِنهم مَن يُلجِمُه العرقُ إلجامًا، أي: يَصِلُ إلى فَمِه، فيكونُ له بمَنزلَةِ اللِّجامِ منَ الحَيواناتِ، كَما قالَ الصَّحابيُّ المِقدادُ بنُ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنه: «وأَشارَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيدِه إلى فيهِ»، فَتَتراكمُ في هذا الموقفِ الأَهوالُ، وتَدنو الشَّمسُ، ويَكونُ زحامُ بعضِهم بعضًا، فيُشدَّد أمرُ العَرقِ على البعضِ ويُخفَّف على البَعض بحَسَبِ أَعمالِهم، وقيل: إنَّ هذا خاصٌّ بالكافِرين والعُصاةِ، أمَّا المؤمِنون فإنَّ اللهَ يُخفِّفُ عنهم ويكونُ المُوقِفُ عليهم كمَوقِفهم في صَلاتِهم.
وفي الحديثِ: التَّرهيبُ مِن يومِ القِيامةِ.