‌‌باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات

حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إياكم والدخول على النساء»، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو، قال: «الحمو الموت» وفي الباب عن عمر، وجابر، وعمرو بن العاص.: حديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح، وإنما معنى كراهية الدخول على النساء على نحو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان»، " ومعنى قوله: «الحمو»، يقال: هو أخو الزوج، كأنه كره له أن يخلو بها "
‌‌

العِفَّةُ والطُّهرُ مِن ثَوابِتِ دِينِنا الحَنيفِ، ومَعلومٌ أنَّ الشَّيطانَ يَجْري مِن ابنِ آدَمَ مَجْرى الدَّمِ في العُروقِ، قاصِدًا إفسادَ دِينِهِ، وتَدنيسَ فِطرتِهِ، وخَلْعَ ثِيابِ العِفَّةِ والطُّهرِ عنه، وجَرَّهُ إلى الفَواحِشِ والمُنكَراتِ؛ ولذلك نَهى الشَّرعُ عن الاقترابِ مِن جَميعِ مُقَدِّماتِ ودَواعِي الشَّرِّ؛ فإنَّ مَن حامَ حَولَ الحِمى يُوشِكُ أنْ يقَعَ فيه.
وقدْ حذَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ مِنَ الدُّخولِ على النِّساءِ الأجنبيَّاتِ والخَلْوةِ بهنَّ، فقال: «إيَّاكم والدُّخولَ على النِّساءِ»؛ فإنَّه ما خَلا رجُلٌ بامرأةٍ إلَّا كان الشَّيطانُ ثالثَهما؛ فإنَّ النُّفوسَ ضعيفةٌ، والدَّوافعَ إلى المعاصي قَويَّةٌ، «فقالَ رجلٌ مِنَ الأنصارِ: يا رسولَ اللهِ، أفرأيتَ الحَموَ؟» والحَموُ هو قريبُ الزَّوجِ، كأخِيه وعمِّه ونحْوِ ذلك، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «الحَمْوُ الموتُ»، أي: إنَّ دُخولَ وخَلْوةَ أقاربِ الزَّوجِ بزَوجتِه يجِبُ أنْ يُجتَنَبَا كما يُجتنَبُ الموتُ، أو المعنى: أنَّ دُخولَ أقاربِ الزَّوجِ على المرأةِ كالموتِ؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى مَوتِ الدِّينِ في القلوبِ؛ وذلك لأنَّ دُخولَه أخطرُ مِن دُخولِ الأجنبيِّ وأقرَبُ إلى وُقوعِ الجريمةِ؛ لأنَّ النَّاسَ يَتساهلونَ بِخِلْطةِ الرَّجلِ بزَوجةِ أخيهِ والخَلوةِ بها، فيَدخُلُ بدونِ نكيرٍ، فيكونُ الشَّرُّ منه أكثرَ والفتنةُ به أمكَنَ، أو أنَّها تُؤدِّي إلى الموتِ إنْ وقَعَت المعصيةُ ووَجَب الرَّجْمُ، أو إلى هَلاكِ المرأةِ بفِراقِ زَوجِها إذا حمَلَتْه الغَيرةُ على تَطليقِها.

: النَّهيُ عَنِ الدُّخولِ على الأجنبيَّاتِ والخَلوةِ بهنَّ؛ سدًّا للذَّريعةِ.
وفيه: الابتعادُ عَن مَواطنِ الزَّللِ عامَّةً؛ خَشيةَ الوقوعِ في الشَّرِّ.