باب ما جاء في صيام ثلاثة أيام من كل شهر 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شعبة، عن أنس بن سيرين، عن عبد الملك بن المنهال
عن أبيه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يأمر بصيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، ويقول: "هو كصوم الدهر" أو "كهيئة صوم الدهر" (3).
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حَريصًا على إرشادِ أُمَّتِه لأبوابِ الخيرِ والفضلِ، وفَضائلِ الأعمالِ، ومِن هذا: أنَّه أوْصَى بصِيامِ بعضِ الأيَّامِ كلَّ شهرٍ، ورغَّب في ذلك وبَيَّن ثوابَه؛ ترغيبًا وتعليمًا لأمَّتِه.
وفي هذا الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "كان يَأمُرُ بصيامِ البِيضِ"، أي: بصِيامِ أيَّامِ اللَّيالي البِيضِ الَّتي يَكونُ القمَرُ فيها مُنيرًا ومُكتمِلًا مِن المغرِبِ إلى الصُّبحِ، "ثلاثَ عَشْرةَ، وأربعَ عشْرةَ، وخمْسَ عشرةَ"، ويقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "هو كصَومِ الدَّهرِ، أو كهَيئةِ صومِ الدَّهرِ"، أي: مِثلُ صِيامِ السَّنةِ كلِّها، وتَصديقُ ذلك في كتابِه: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]؛ فاليومُ بعشَرةِ أيَّامٍ، فمَن صامَ ثلاثةَ أيَّامٍ فكأنَّه صامَ الشَّهرَ كلَّه، ومَن داوَمَ عليها في كلِّ شهرٍ فكأنَّه صامَ السَّنَةَ كلَّها، ومَن داوَم عليها سِنِي عُمرِه، فكأنَّه صامَ دهرَه وعُمرَه كلَّه.
وفي الحديثِ: الحثُّ على صيامِ الأيَّامِ المقْمِرةِ مِن كلِّ شهرٍ هجريٍّ، وبيانُ فضلِها.
وفيه: بيانُ فَضلِ اللهِ عزَّ وجلَّ وأنَّه يُعطي الكثيرَ مِن الأجرِ على القَليلِ من العَملِ .