باب ما جاء في صيام ثلاثة أيام من كل شهر 2
سنن ابن ماجه
حدثنا سهل بن أبي سهل، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان
عن أبي ذر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صام ثلاثة أيام من كل شهر، فذلك صوم الدهر". فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [الأنعام: 160] فاليوم بعشرة أيام (2).
مِن فضْلِ اللهِ ونعمَتِه على عِبادِه أنَّه يُضاعِفُ لهم الحسَناتِ؛ فالحسَنةُ بعشْرِ أمثالِها، ومِن الأعمالِ الَّتي يُضاعِفُ اللهُ أجْرَها صِيامُ ثلاثَةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شهْرٍ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو ذَرٍّ رضِيَ اللهُ عنه: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "مَن صام مِن كلِّ شهْرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ"، أي: مَن واظَبَ على صِيامِ ثلاثَةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شهْرٍ تطوُّعا، "فذلك صيامُ الدَّهْرِ"، أي: فإنَّ ذلك يعدِلُ ويُساوي في الثَّوابِ والأجْرِ كمَن صام السَّنةَ كلَّها، ثمَّ فسَّر قوْلَه، وكيْفَ أنَّه يكونُ كمَن صامَ الدَّهْرَ.
قال: "فأنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ تصدِيقَ ذلك في كِتابِه"، أي: فأنزَل اللهُ في كتابِه الكرِيمِ ما يوافِقُ هذا المعنى ويؤيِّدُه، فقال عزَّ وجلَّ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ}، أي: وهي كلُّ عمَلٍ مِن أعمالِ الخيْرِ والطَّاعةِ، ويشتمِلُ على جمِيعِ ما جاء به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الأقوَالِ والأفعَالِ، فكان جزاؤُه: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، أي: فإنَّ الحسَنةَ تُضاعَفُ إلى عشْرِ حسَناتٍ مِثلِها، فكذلك مَن صام ثلاثَةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهْرٍ كان "اليَومُ بعشَرَةِ أيَّامٍ"، أي: فإنَّ صيامَ اليوْمِ يُكتَبُ بصيامِ عشَرَةِ أيَّامٍ، فإذا صام ثلاثَةَ أيَّامٍ فكأنَّه صام ثلاثين يومًا شهْرًا كامِلًا، فيكونُ بصيامِه ثلاثةَ أيَّامٍ كلَّ شهْرٍ كأنَّه صام السَّنةَ كلَّها.