باب ما جاء في طعام الواحد يكفي الاثنين
سنن الترمذى
حدثنا الأنصاري قال: حدثنا معن قال: حدثنا مالك، ح وحدثنا قتيبة، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة» قال: وفي الباب عن جابر، وابن عمر: هذا حديث حسن صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُربِّي النَّاسَ على الأُلفةِ والمَحبَّةِ والإيثارِ فيما بيْنهم، سواءٌ كان الإيثارُ بالنَّفسِ، أو بتَقاسمِ المالِ أو الطَّعامِ والشَّرابِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «طَعامُ الرَّجُلِ» الواحدِ «يَكْفِي رَجُلَيْنِ، وطَعامُ رجُلَينِ يَكْفي أرْبَعةً، وطَعامُ أرْبَعةٍ يَكْفِي ثَمانِيةً»، والمرادُ بذلكَ التَّغذِّي ورَدُّ عَضَّةِ الجُوعِ، وليْس المقصودُ الشِّبَعَ، أي: طَعامُ الواحدِ يُغذِّي الاثنينِ؛ إذ فائدةُ الطَّعامِ إنَّما هي التَّغذِّي وحِفظُ القوَّةِ. وهذا إرشادٌ وتَوجيهٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الاجتِماعِ على الطَّعامِ؛ لِمَا فيه مِن بَرَكةٍ عَظيمةٍ تَجعَلُ مِنَ القليلِ كَثيرًا، فَينمُو الطَّعامُ ويَزدادُ حِسًّا ومعنًى، وتَتضاعفُ قُواهُ الغذائِيَّةُ، ويَكفي القليلُ منه الكثيرَ.
وفي حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه في الصَّحيحينِ: «طَعامُ الاثنينِ كافِي الثَّلاثةِ»، ويُجمَعُ بيْنهما أنَّ الكِفايةَ تَتفاوَتُ، ويُمكِنُ القولُ: إنَّ المقصودَ ليْس الحصرَ في مِقدارِ الكفايةِ، وإنَّما المرادُ المواساةُ، وأنَّه يَنْبغي للاثنينِ إدخالُ ثالثٍ لِطعامِهما وإدخالُ رابعٍ أيضًا بحسَبِ مَن يَحضُرُ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على المواساةِ في الطَّعامِ، وأنَّه وإنْ كان قَليلًا حَصَلتْ منه الكفايةُ المقصودةُ، ووقَعَتْ فيه بركَةٌ تَعمُّ الحاضرِينَ.
وفيه: أنَّ البَرَكةَ في الأكْلِ مع الجَماعةِ.