‌‌باب ما جاء في فضل المدينة1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في فضل المدينة1

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن عاصم بن عمرو، عن علي بن أبي طالب، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بحرة السقيا التي كانت لسعد بن أبي وقاص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ائتوني بوضوء»، فتوضأ ثم قام فاستقبل القبلة، فقال: «اللهم إن إبراهيم كان عبدك وخليلك ودعا لأهل مكة بالبركة، وأنا عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم مثلي ما باركت لأهل مكة مع البركة بركتين» هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن عائشة، وعبد الله بن زيد، وأبي هريرة

كان للأنصارِ فَضلٌ وباعٌ في خِدمةِ الإسلامِ باحتِضانِهم هِجرةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ومَن معه مِن المسلمين ممَّن هاجر إليها، وقَبِلوا مُقاسَمةَ أموالِهم وأزواجِهم مع المهاجرين، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم دائمًا ما يَحفَظُ لهم هذا الفضلَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عنه: "خرَجْنا معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حتَّى إذا كان بِحَرَّةِ السُّقيا"، وهو موضعٌ بينَ المدينةِ ووادي الصَّفراءِ، والحَرَّةُ: أرضٌ ذاتُ حِجارةٍ سوداءَ، "الَّتي كانت لِسَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ"، أي: يَملِكُها، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ائْتُوني بوَضوءٍ"، أي: بماءٍ للوُضوءِ، "فتوَضَّأ، ثمَّ قام فاستقبَل القِبلةَ، فقال: اللَّهمَّ إنَّ إبراهيمَ كان عبدَك وخَليلَك"، أي: شديدَ المحبَّةِ له، "ودَعا لأَهلِ مكَّةَ بالبرَكةِ"، أي: بأنْ يَزيدَ لهم في كلِّ خيرٍ ويُنمِّيَه، "وأنا عبدُك ورسولُك أدعوك لأهلِ المدينةِ"، أي: أخُصُّ أهلَ المدينةِ بدُعاءٍ بمِثلِ ما خَصَّ إبراهيمُ عليه السَّلامُ مكَّةَ بدعاءٍ، "أنْ تُبارِكَ لهم في مُدِّهم وصاعِهم مِثلَما بارَكتَ لأهلِ مكَّةَ مع البرَكةِ برَكَتين"، أي: أن يَجعَلَ لهم اللهُ عزَّ وجلَّ البرَكةَ بضِعْفِ ما لأهلِ مكَّةَ، والصَّاعُ: أربعةُ أمدادٍ، والمُدُّ مقدارُ ما يَملَأُ الكفَّين.
والمرادُ زيادةُ البرَكةِ في المدينةِ وفي كلِّ ما فيها ممَّا يُكالُ مِن الأطعمةِ وغيرِها، ولا تَقتصِرُ البرَكةُ على المكاييلِ فقط، بل تَشمَلُ كلَّ الموازينِ والمعدوداتِ أيضًا؛ فهي بَركةٌ عامَّةٌ.
وفي الحديثِ: فَضلٌ ومنقبةٌ لأهلِ المدينةِ.