باب ما جاء في فضل الدعاء3
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن أبي المليح، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه من لم يسأل الله يغضب عليه»: وقد روى وكيع، عن غير واحد، عن أبي المليح، هذا الحديث ولا نعرفه إلا من هذا الوجه. حدثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا أبو عاصم، عن حميد أبي المليح، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. حميد هذا يقال له: الفارسي سكن المدينة
دُعاءُ اللهِ تعالى مِن أفضَلِ العِباداتِ الَّتي يتَقرَّبُ بها العبدُ إلى ربِّه عزَّ وجلَّ؛ فهو دليلُ خُضوعٍ وذُلٍّ مِن العبدِ إلى ربِّه عزَّ وجلَّ، واللهُ عزَّ وجلَّ يُحِبُّ ذلك، ويَغضَبُ على مَن لم يَسأَلْه، كما يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ: "مَن لم يَسأَلِ اللهَ يَغْضَبْ عليه"، أي: إنَّ تَرْكَ سؤالِ اللهِ عُمومًا أو لِبَعضِ الحاجاتِ كالتَّوبةِ ونَحوِها، ممَّا يُسبِّبُ للعبدِ غضَبَ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ وذلك لأنَّ اللهَ يُحِبُّ أن يُسأَلَ مِن عبدِه؛ لِمَا في ذلك مِن الاعتِرافِ برُبوبيَّتِه وألوهيَّتِه، وتَرْكُ ذلك فيه استِغْناءٌ وتكبُّرٌ مِن العبدِ، ولأنَّ اللهَ تعالى يحِبُّ أن يُسْأَلَ مِن فضلِه، فمَن لم يَسأَلِ اللهَ يُبغِضْه، والمبغوضُ مغضوبٌ عليه لا مَحالةَ، وقد ورَد عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه قال: "ولو لم تُذنِبوا"، أي: تُخطِئوا وترتَكِبوا المعاصيَ، "لجاء اللهُ بخَلقٍ جديدٍ"، أي: لأنشَأ اللهُ خلقًا آخَرين مِن أنفُسِكم أو مِن غيرِكم؛ "كي يُذنِبوا" وتقَعَ مِنهم المعاصي، "فيَغفِرَ لهم" ويَتوبَ عليهم ويَعفُوَ عنهم، وهذا مِن صَميمِ العُبوديَّةِ للهِ سبحانه وتعالى.
وفي الحديثِ: أنَّ اللهَ يُحِبُّ مِن عِبادِه أن يَسأَلوه ويَطلُبوا مِنه كلَّ حوائجِهم، وأنَّه سبحانَه جعَل هذا الطَّلبَ مِن أسبابِ الفوزِ بحُبِّه جلَّ وعلا.