باب ما جاء في فضل المرابط3
سنن الترمذى
حدثنا الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا هشام بن عبد الملك قال: حدثنا الليث بن سعد قال: حدثني أبو عقيل، زهرة بن معبد عن أبي صالح، مولى عثمان قال: سمعت عثمان وهو على المنبر يقول: إني كتمتكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهية تفرقكم عني، ثم بدا لي أن أحدثكموه ليختار امرؤ لنفسه ما بدا له، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل».: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقال محمد بن إسماعيل: أبو صالح مولى عثمان: اسمه بركان
للشَّهيدُ- الَّذي قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ لأَجْلِ أن تَكونَ كلمةُ اللهِ هي العُلْيا- فضلٌ كبيرٌ، وأجرٌ عظيمٌ؛ وذلك لأنَّه باعَ نفْسَه وضحَّى بها للهِ تَعالَى.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "رِباطُ يومٍ في سَبيلِ اللهِ"، أي: مُلازَمةُ وحبسُ النَّفسِ لحِراسةِ الأماكنِ الَّتي يَهجُمُ منها العَدوُّ، وأصلُ الرِّباطِ ما تُربَطُ به الخيلُ، ثمَّ قيلَ لكلِّ أَهلِ ثَغْرٍ يَدفَعُ عمَّن خَلْفَه رِباطٌ؛ وذلك إعلاءً لكَلمةِ اللهِ ودِفاعًا عن دينِ اللهِ "أفضَلُ- وربَّما قال"، أيِ: الرَّاوي: "خيرٌ- مِن صِيامِ شَهرٍ وقِيامِه"، أي: في الأَجْرِ والثَّوابِ، "ومَن مات فيه"، أي: وهو مُرابِطٌ في سَبيلِ اللهِ ومُدافِعٌ عن دينِ اللهِ، "وُقِيَ"، أي: وَقاه اللهُ تعالى وعَصَمه وأبعَد عنه، "فِتنةَ القبرِ"، وهو ما يَحدُثُ للميِّتِ مِن سُؤالِ الملَكَينِ وضَمَّةِ القبرِ والعذابِ وغيرِ ذلك، "ونُمِيَ له عَمَلُه"، أي: زاد اللهُ تَعالى للمُرابطِ وأَجْرى لَه ما كان يَعمَلُه مِن أعمالِ الصَّلاحِ، "إلى يومِ القيامَةِ"، أي: يُنمَى له ويُزادُ في الحسَناتِ، ولا يَنقَطِعُ عمَلُه بموتِه، بخِلافِ غَيرِه من النَّاسِ.
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ اللهَ تعالى واسِعُ المغفرةِ والفضلِ، وفضلُ الشَّهيدِ الَّذي ماتَ في سبيلِ اللهِ مُرابِطًا ومُجاهِدًا.
وفيه: إثباتُ فِتنةِ القبرِ وعذابِ القبرِ .