باب ما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها4
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عثمان بن عمر قال: أخبرنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: «ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا برسول الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم» قالت: «وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها، فلما مرض النبي صلى الله عليه وسلم دخلت فاطمة فأكبت عليه فقبلته ثم رفعت رأسها فبكت، ثم أكبت عليه ثم رفعت رأسها فضحكت»، فقلت: " إن كنت لأظن أن هذه من أعقل نسائنا فإذا هي من النساء، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قلت لها: أرأيت حين أكببت على النبي صلى الله عليه وسلم فرفعت رأسك فبكيت ثم أكببت عليه فرفعت رأسك فضحكت، ما حملك على ذلك "؟ قالت: إني إذا لبذرة أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت، ثم أخبرني أني أسرع أهله لحوقا به فذاك حين ضحكت ": «هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عائشة»
قالت عائشةُ رَضِي اللهُ عنها: "فلمَّا تُوفِّي النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، قلتُ لها: أرأيتِ حين أكْبَبْتِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فرَفَعتِ رأسَكِ فبكَيتِ، ثمَّ أكبَبْتِ عليه فرفَعتِ رأسَكِ، فضَحِكْتِ، ما حملَكِ على ذلك؟"، أي: على البكاءِ والضَّحِكِ، قالت فاطمةُ رَضِي اللهُ عنها: "إنِّي إذًا لَبَذِرَةٌ"، أي: مُفشِيَةٌ لِسرِّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، والبَذِرُ: الَّذي يُفْشي السِّرَّ ويُظهِرُ ما يَسمَعُه، "أخبَرني"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "أنَّه ميتٌ مِن وجَعِه هذا"، والوجَعُ: المرضُ، "فبكَيتُ"، أي: لِمَوتِه، "ثمَّ أخبَرني أنِّي أسرَعُ أهلِه لُحوقًا به"، أي: أوَّلُ مَن يَلحَقُ به في الموتِ، "فذاك حين ضَحِكتُ"، أي: ضَحِكتُ فرَحًا للُحُوقِها بأبيها، وماتَتْ بالمدينَةِ بعدَ مَوتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بسِتَّةِ أشهُرٍ، وقيلَ بثَلاثَةِ أَشهُرٍ، وكان لها مِن العُمرِ ثَمانٍ وعِشرونَ سَنَةً، وغَسَّلَها عَلِيٌّ وصلَّى عَليها، ودُفِنَت ليلًا رضِيَ اللهُ عنها وأرْضاهَا.