باب ما جاء في فضل من جهز غازيا1
سنن الترمذى
حدثنا أبو زكريا يحيى بن درست البصري قال: حدثنا أبو إسماعيل قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله فقد غزا»: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير هذا الوجه
يَسَّرَ اللهُ على العِبادِ كَسْبَ الحَسَناتِ والأجْرِ الذي يَنفَعُهم في الآخِرةِ، فكُلُّ مَن أعانَ مُؤمِنًا على عَمَلِ بِرٍّ، فلِلمُعينِ عليه أجْرُ مِثلِ العامِلِ به.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن جَهَّزَ غازيًا في سَبيلِ اللهِ، بأنْ هيَّأَ له أسبابَ سَفَرِه، مِن مالِه، أو مِن مالِ الغازي؛ فقد غَزا، أي: له مِثلُ أجرِ الغَزوِ، وإنْ لم يَغْزُ حَقيقةً، مِن غَيرِ أنْ يَنقُصَ مِن أجْرِ الغازي شَيءٌ؛ لأنَّ الغازيَ لا يُمكِنُه الغَزوُ إلَّا بَعدَ أنْ يُكفَى ذلك العَمَلَ، فصارَ المُعينُ لِلغازي كأنَّه يُباشِرُ معه الغَزوَ، ولكِنْ يُضاعَفُ الأجْرُ لِمَن جَهَّزَ مِن مالِه ما لا يُضاعَفُ لِمَن دَلَّه أو أعانَه إعانةً مُجرَّدةً عن بَذلِ المالِ.
وكذلك مَن خَلَفَ غازيًا في سَبيلِ اللهِ في أهلِه، ومَن يَترُكُهم، بأنْ قامَ مَقامَه في إصلاحِ حالِ أهلِه، وعِنايتِه بهم، فله أجْرُ الغَزوِ، فمَن توَلَّى أمْرَ الغازي، ونابَ مَنابَه في مُراعاةِ أهلِه زَمانَ غَيبَتِه، شارَكَه في الثَّوابِ؛ لأنَّه فَرَّغَ الغازيَ وكَفاه أمْرَ أهلِه وعيالِه، وبدُونِ هذه الكِفايةِ ما كان يَستَطيعُ الخُروجَ لِلغَزوِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّعاوُنِ على الخيرِ.