باب ما جاء في فضل من مات مرابطا
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا حيوة بن شريح، قال: أخبرني أبو هانئ الخولاني، أن عمرو بن مالك الجنبي، أخبره، أنه سمع فضالة بن عبيد، يحدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة، ويأمن من فتنة القبر»، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المجاهد من جاهد نفسه»: وفي الباب عن عقبة بن عامر، وجابر وحديث فضالة حديث حسن صحيح
الرِّباطُ في سَبيلِ اللهِ والمحافظةُ على بلادِ الإسلامِ مِنْ أعظمِ الأعمالِ التي يَسْتمِرُّ ثوابُها؛ وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "كلُّ الميِّتِ يُخْتَمُ على عمَلِه", أي: كل الأمواتِ تُطْوى صَحيفتُهم فلا يُكْتبُ لهم عملٌ بعد موتِهم, "إلَّا المُرابِط", أي: المدافِع عن حُدودِ المسلمين وثُغورِهم, فإنَّ ثوابَ عمَلِه يَزدادُ "ويَنْمو"، أي: يتَضاعفُ، "إلى يومِ القيامةِ"، أي: حتَّى بعدَ موتِه, "ويُؤمَّنُ مِنْ فتَّانِ القَبْرِ"، أي: مُنْكرٍ ونكيرٍ يؤمَّنُ فِتنةَ سؤالِهما؛ قيل: يَحتِمَلُ أن يَكونَ المرادُ أنَّ الملَكَين لا يَجيئانِ إليه ولا يَختبِرانه، بل يَكْفي موتُه مُرابِطًا في سبيلِ اللهِ شاهِدًا على صِحَّةِ إيمانِه، ويُحتمَلُ أنَّهما يَجيئانِ إليه، لكن لا يَضُرَّانِه، ولا يَحصُلُ بسببِ مَجيئِهما فتنةٌ.