‌‌باب ما جاء في الرجل يشتري الجارية وهي حامل

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الرجل يشتري الجارية وهي حامل

حدثنا عمر بن حفص الشيباني البصري قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: حدثنا يحيى بن أيوب، عن ربيعة بن سليم، عن بسر بن عبيد الله، عن رويفع بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره»: «هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن رويفع بن ثابت»، " والعمل على هذا عند أهل العلم: لا يرون للرجل إذا اشترى جارية وهي حامل أن يطأها حتى تضع " وفي الباب عن أبي الدرداء، وابن عباس، والعرباض بن سارية، وأبي سعيد
‌‌

شَرَعَ الإسلامُ أحكامًا خاصَّةً تُحافِظُ على الأعراضِ والأنسابِ، وخاصَّةَ أنَّ الحروبَ كانتْ تأتي فيها سَبايا مِنَ النَّساءِ وتُقْسَمُ على المُجاهِدين كما كان يوجدُ بيع وشِراءُ الإماءِ، وكُلُّهن يَجوزُ وطْؤهُنَّ لِمَنْ يَمْلِكهُنَّ، فشَرَعَ الإسلامُ اسْتِبراءَ الأرحامِ عِنْد انْتِقالِ هؤلاءِ النِّساءِ مِنْ رَجُلٍ إلى آخَرَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ"، أي: مَن كانَ إيمانُه-أي: تَصديقُه وإقرارُه- باللهِ تعالَى واليَومِ الآخِرِ إيمانًا كاملًا، والْتزَمَ شَرائِعَ الإسلامِ "فلا يَسْقِ ماءَه ولَدَ غيرِه"، أي: لا يَضَعْ نُطْفتَه إلا في فَرْجٍ مُوثوقٍ فيه، وأنَّهُ خالٍ مِنَ الموانعِ الشَّرعيَّةِ لِلوطءِ؛ وذلك أنهم كانوا يَشْترونَ الإماءَ أو تأتي النِّساءُ في السَّبْي، ثُمَّ تُوزَّعُ على المُحارِبينَ والمُسْتحقِّين، فنبَّهَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى اسْتِبراءِ الأرحامِ أوَّلًا قَبْل أيِّ وَطءٍ، وقد قال في حديثِ سَبْي أَوْطاسٍ: "لا تُوطأُ حامِلٌ حتَّى تَضَعَ، ولا غيرُ حامِلٍ حتَّى تَحيضَ حَيضةً"؛ فنَّهى أنْ يَطأَ الرَّجُلُ حامِلًا مِنْ غيرِهِ؛ وذلك لأنَّ الحملَ في البُطونِ كالزَّرْعِ في الأرضِ، وماءُ الرَّجُلِ ومَنيُّه هو الماءُ الذي يَسْقي ما في بُطونِ النِّساءِ، ولا بُدَّ لكُلِّ مؤمِنٍ أنْ يَحتاطَ لنُطْفتِه فيَضَعها حيثُ أَمَره اللهُ ورسولُه في المَوضِعِ الذي لا شُبْهةَ فيه، وقال بعضُ العلماءِ: إنَّ الجنينَ يَنْمو بماءِ الرَّجُلِ الثَّاني ويَكْتمِلُ، فإذا وُلِد صار كأنَّه ابنٌ مُشْرَكٌ بين اثْنينِ، فيَحتَمِلُ أنْ يَرِثَ المولودُ مِنَ الرَّجُلِ الثَّاني وهو ابنٌ لغيرِه، أو يَتملَّكَ الرَّجُلُ الثَّاني المولودَ وهو ابنُه؛ ولهذا حَرَّمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وَطْءَ الحامِلِ مِنَ الإماءِ والسَّبايا حتى يَضَعْنَ أو يَحِضْنَ.