باب ما جاء في كراهية أكل المصبورة2
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن يحيى، وغير واحد، قالوا: حدثنا أبو عاصم، عن وهب بن خالد، قال: حدثتني أم حبيبة بنت العرباض وهو ابن سارية، عن أبيها، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم كل ذي ناب من السبع، وعن كل ذي مخلب من الطير، وعن لحوم الحمر الأهلية، وعن المجثمة، وعن الخليسة، وأن توطأ الحبالى حتى يضعن ما في بطونهن» قال محمد بن يحيى: سئل أبو عاصم عن المجثمة، قال: «أن ينصب الطير أو الشيء فيرمى»، وسئل عن الخليسة، فقال: «الذئب أو السبع يدركه الرجل فيأخذه منه فيموت في يده قبل أن يذكيها»
.
لقد بَيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الحَلالَ والحَرامَ في كلِّ شيءٍ، حتَّى يكونَ المُؤمنُ على بيِّنَةٍ مِن أمرِه في تَجنُّبِ الحَرامِ منَ الأموالِ والأعْراضِ والأطعِمةِ وغيرِ ذلك.
وفي هذا الحَديثِ يُخْبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما أنَّه: "نَهى رسولُ اللهِ عن بَيْعِ المغانِمِ"، جَمْعُ غَنيمةٍ وهي الأموالُ والأشياءُ الَّتي تُؤخَذُ مِن أهلِ الحربِ مِنَ الكُفَّارِ عن طريقِ القِتالِ والغَلبَةِ، "حتَّى تُقْسَمَ"، أي: حتَّى يأخُذَ كلُّ واحدٍ في الجيشِ نَصيبَه وسَهمَه منها حَسَبَ ما حدَّده الشَّرعُ؛ وسببُ نَهيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك هو أنَّ نصيبَ كلِّ واحدٍ مِن هذه الغنائِمِ يُعَدُّ مَجهولًا، وأنَّ مَن باع أوِ اشْتَرى فَقَدْ تصرَّف في غيرِ ما يَملِكُه، "وعَن الحَبالى"، أي: ونهَى عَنِ النِّساءِ الحواملِ، والمُرادُ بِهنَّ النِّساءُ المسبيَّاتُ، "أن يوطَأْنَ"، وهذا كِنايةٌ عنِ الجِماعِ، "حتَّى يَضعْنَ ما في بُطونِهِنَّ"، أي: حتَّى يَلِدْنَ، "وعن لَحمِ كلِّ ذي نابٍ مِن السِّباعِ"، أي: ونهى عن أكلِ لحمِ كلِّ حَيوانٍ مُفترِسٍ يأكُلُ لُحومَ الحيواناتِ، والنابُ: السِّنُّ الَّتي يَعتمِدُ بها السَّبُعُ في جَرحِ كلِّ ما يَعتَدي عليه.