باب ما جاء في مسح الرأسِ 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار
عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح أذنيه داخلهما بالسبابتين، وخالف بإبهاميه إلى ظاهر أذنيه، فمسح ظاهرهما وباطنهما (1).
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صِفةَ الوُضوءِ قولًا وعمَلًا، وبيَّن فرائضَه، وسُننَه، وآدابَه.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ حَبْرُ الأُمَّةِ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنه صِفةً مِن صِفاتِ الوُضوءِ بَيانًا عمَليًّا؛ فيُخبِرُ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ توضَّأَ"، أي: بدَأَ في الوُضوءِ، "فغرَفَ غَرفةً"، أي: مِن الماءِ، والغَرفةُ: مِلْءُ الكَفِّ، "فغسَلَ وَجْهَه"، أي: غسَلَه بالماءِ مرَّةً واحدةً، "ثم غرَفَ غَرْفةً فغسَلَ يَدَه اليُمْنى، ثم غرَفَ غَرْفةً فغسَلَ يَدَه اليُسرَى" على التَّرتيبِ؛ فبَدَأَ بالذِّراعِ اليُمنى، ثم اليُسْرى، "ثم غرَفَ غَرْفةً فمسَحَ برأْسِه"، أي: جميعِ رأْسِه، "وأُذُنَيه داخِلَهما بالسَّبَّابتَينِ"، أي: أدخَلَ إصْبعَيْه في أُذُنَيه لِتَنظيفِهما، وجعَلَ مَسحَ الأُذُنِ مع مسْحِ الرَّأسِ، "وخالَفَ بإبهامَيْه إلى ظاهِرِ أُذنَيه"، أي: مسَحَ ما خلْفَ أُذُنَيه بإصْبعَيْه الإبهامَينِ؛ فمسَحَ بإصبَعِ يَدِه اليُمْنى ما وراءَ أُذنِه اليُمنى، وبإصبَعِ يَدِه اليُسرى ما خلْفَ أُذُنِه اليُسرى، "فمسَحَ ظاهِرَهما وباطنَهما"، ويكونُ بذلك نظَّفَ بالمسْحِ داخلَ الأُذُنينِ وخارجَهما، "ثم غرَفَ غَرْفةً فغسَلَ رِجلَه اليُمنى"، أي: صَبَّ الماءَ قليلًا قليلًا حتَّى غسَلَها، "ثم غرَفَ غَرْفةً فغسَلَ رِجلَه اليُسرى" على التَّرتيبِ؛ فبدَأَ بالرِّجلِ اليُمنى، ثم الرِّجلِ اليُسرى. وهذا الوُضوءُ بغَسلِ الأعضاءِ مرَّةً واحدةً هو أقلُّ الوُضوءِ الذي لا يَقبَلُ اللهُ الصلاةَ إلَّا به، والوُضوءُ الأتمُّ المُسبَغُ يكونُ بغَسلِ كلِّ عُضوٍ ثلاثَ مرَّاتٍ.
وفي الحديثِ: بَيانُ التَّيسيرِ في أمْرِ الوُضوءِ، وأنَّه يُمكِنُ أنْ يكونَ بغَسلِ كلِّ عُضْوٍ مرَّةً واحدةً .