‌‌باب ما جاء في مهور النساء2

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في مهور النساء2

حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي العجفاء السلمي، قال: قال عمر بن الخطاب: ألا لا تغالوا صدقة النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها نبي الله صلى الله عليه وسلم، «ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح شيئا من نسائه ولا أنكح شيئا من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية»: " هذا حديث حسن صحيح وأبو العجفاء السلمي: اسمه هرم، والأوقية عند أهل العلم: أربعون درهما وثنتا عشرة أوقية أربع مائة وثمانون درهما
‌‌

الزَّواجُ سُنَّةُ الأنبياءِ والمرسَلينَ، وقد حثَّ الشَّرعُ عليه؛ لِما فيه مِن إعفافٍ للفُروجِ وإقامةٍ للبُيوتِ، وفرَضَ الشَّرعُ على الرَّجلِ مهرًا للمرأةِ، لكنْ جعَل هذه العلاقةَ مبنيَّةً على الوُدِّ والمحبَّةِ والتَّراحُمِ، وليس على الجشَعِ والإسرافِ، وإرهاقِ أطرافِ الزَّواجِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو العَجْفاءِ السُّلميُّ: "خطَبَنا عُمرُ رَحِمه اللهُ"، أي: في عَهدِ خِلافَتِه على المسلِمين، فقال عمرُ رَضِي اللهُ عنه في خُطبَتِه: "ألَا لا تُغالوا بصُدُقِ النِّساءِ"، أي: لا تُبالِغوا في مُهورِ النِّساءِ عِندَ مَن يَطلُبُهنَّ للزَّواجِ؛ "فإنَّها لو كانَت مَكرُمةً في الدُّنيا أو تَقْوى عِندَ اللهِ لكان أَوْلاكُم بها النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"، أي: لو كانَتِ المبالَغةُ في قيمةِ المهرِ تَكريمًا للمرأةِ في الدُّنيا أو زيادةً في تَقْوى اللهِ في النِّساءِ لفَعَل ذلك النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، قال عمرُ رَضِي اللهُ عنه: "ما أصْدَقَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم امرأةً مِن نِسائِه"، أي: ما كان مِن مَهرٍ منه صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم إلى زوجاتِه، "ولا أُصدِقَتِ امرأةٌ مِن بَناتِه"، أي: وما دُفِع في مهرٍ في بَناتِه، "أكثَرَ مِن ثِنْتَي عَشْرةَ أُوقيَّةً"، وهي: أربعُ مئةٍ وثَمانونَ دِرهَمًا.
قيل: إنَّ نَهْيَ عُمرَ إنَّما هو للحثِّ والتَّرغيبِ في تَقْليلِ المهورِ؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ذكَر في قولِه تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، أي: ليس هناك حَدٌّ لِمَهرِ المرأةِ ولكنَّ هذا مِن بابِ الموعِظَةِ مِن عُمرَ رَضِي اللهُ عنه.
وفي الحديثِ: أنَّ للحاكِمِ والإمامِ أن يُنظِّمَ أمورَ الرَّعيَّةِ في إطارِ الفَهْمِ الصَّحيحِ للشَّرعِ.