باب ما جاء فيمن أفطر ناسيا 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذرعن أسماء بنت أبي بكر، قالت: أفطرنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم، ثم طلعت الشمس (1).
الصِّيامُ ركْنٌ مِن أركانِ الإسلامِ، وقد بيَّنَ القُرآنُ مُجمَلَ أحكامِه، وفصَّلَتها السُّنةُ النَّبويَّةُ، ونقَلَ ذلك الصَّحابةُ الكِرامُ رَضيَ اللهُ عنهم.
وفي هذا الحديثِ تَرْوي أسماءُ بنتُ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهم أفطَروا على عهْدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في يَومَ غَيمٍ، أي: احتَجَبتِ الشَّمسُ بالغُيومِ، فظَنُّوا أنَّ الشَّمسَ قدْ غرَبَتِ؛ لانتشارِ الظَّلامِ، فأفطَروا؛ لأنَّ المسلِمَ مَأمورٌ بالفِطرِ عندَ غُروبِ الشَّمسِ مُباشَرةً، ثمَّ انكَشَفَ السَّحابُ والغَيمُ وظهَرَت الشَّمسُ، فعَلِموا أنَّهم أفطَروا قبْلَ الغُروبِ.
فسُئِلَ هِشامُ بنُ عُروةَ راوي الحَديثِ: هل أُمِروا بقَضاءِ ذلك اليومِ؟ فأجابَ: أنَّه لا بُدَّ مِن القَضاءِ؛ لأنَّ الصَّائمَ مَأمورٌ بإتمامِ صَومِه إلى اللَّيلِ، وهمْ قدْ أكَلوا في النَّهارِ.
وقال مَعمَرُ بنُ راشدٍ في رِوايتِه: إنَّه سَمِع هِشامًا يقولُ: لا أدْري أقَضَوْا أمْ لا؟ وهذا شَكٌّ منه في قَضاءِ ذلك اليومِ أو عدَمِ قَضائِه. والَّذي عليه أهلُ العِلمِ أنَّه إذا أفْطَرَ الصَّائِمُ في صَومٍ واجبٍ؛ ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غَرَبَتْ، ثم تَبيَّنَ له أنَّها لم تغرُبْ؛ فإنَّه يلزَمُه الإمساكُ، على أنَّ عليه قَضاءَ هذا اليومِ، وقيل: إنَّه لا قَضاءَ عليه.
وفي الحديثِ: أنَّ المكلَّفَ إذا اجتَهَدَ فأخْطأَ أنَّه لا حَرَجَ عليه في ذلك؛ لأنَّ المُكلَّفين إنَّما خُوطِبوا بالظاهِرِ.