‌‌باب ما جاء لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا1

حدثنا عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي قال: حدثنا عمي يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه خير له من أن يمتلئ شعرا». وفي الباب عن سعد، وابن عمر، وأبي الدرداء، وأبي سعيد. هذا حديث حسن صحيح

المسلِمُ مأمورٌ بحِفْظِ لسانِه وقَولِ ما ينفَعُه، ومنهيٌّ عن قَولِ القبيحِ الذي يأثَمُ به ويعاقَبُ عليه في الدُّنيا والآخرةِ، سواءٌ في ذلك الشِّعرُ، أو النَّثْرُ، أو الكلامُ المُرسَلُ، ويتأكَّدُ ذلك في قولِ الشِّعرِ؛ لأنَّه مما يحفَظُ وتسيرُ به الرُّكبانُ.
وفي هذا الحَديثِ قبَّح رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صُورةَ مَن يُكثِرُ مِن الشِّعرِ قَولًا وتَرديدًا؛ بأنْ فضَّل عليه مَن يَمتلِئُ جَوْفُه كلُّه قَيْحًا، وهو الصَّدِيدُ الَّذِي يَخرُجُ مِن الدُّمَّلِ، وقِيلَ: المِدَّةُ الَّتِي لا يُخالِطها دَمٌ، والمِدَّة: هي ما يَجتمِع في الجُرح ثُمَّ يَنفجِرُ منه، وهذا فِيمَن غَلَبه الشِّعرُ وكَثُر منه حتَّى شَغَله عن القُرآنِ وعن ذِكرِ الله، أو يكونُ المرادُ بالشِّعرِ ما تَضمَّن سبًّا وهِجاءً أو مُفاخَرةً، كما هو غالِبُ شِعرِ الجاهليِّين.
ولا يدخُلُ في هذا الشِّعرُ الذي فيه حِكمةٌ ودفاعٌ عن الإسلامِ، ونحوُ ذلك من الأمورِ الحَسَنةِ؛ فقد كان حَسَّانُ رَضِيَ الله عنه يُنشِدُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الشِّعرَ بالمسجدِ، كما في الحَديثِ المتَّفقِ عليه.

وقد مدح رسولُ اللهِ الشِّعرَ الحَسَنَ بقَولِه: «إنَّ مِنَ الشِّعرِ حِكمةً»، كما أخرجه البخاريُّ، وكان يسمَعُه، وما زال العُلَماءُ يقولون الشِّعرَ الحسَنَ ويحفَظونه ويَسمَعونَه.