باب ما جاء لا تقوم الساعة حتى يخرج كذابون1
سنن الترمذى
حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى ينبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله»: وفي الباب عن جابر بن سمرة، وابن عمر وهذا حديث حسن صحيح
الواجبُ على المسلمِ أنْ يَجتنِبَ مَواضِعَ الفتنِ؛ لأنَّه لا أحدَ يَأمَنُ على نفْسِه منها، والمعصومُ مَن عَصَمَه اللهُ تعالَى، وقدْ أرشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه إلى ما يَجِبُ فِعلُه في وَقتِ الفِتنِ، وحذَّرَها مِن سُوءِ عاقِبةِ الانْخِراطِ فيها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن فِتنَتَينِ عَظيمَتَينِ تَكونانِ قبْلَ يومِ القيامةِ، وهي اقْتِتالُ جَماعتَيْنِ كَبيرتَيْنِ، يَكونُ بيْنَهما أعْدادٌ كَبيرةٌ عَظيمةٌ مِن القَتْلى، والمُرادُ بها مَا وَقَعَ بيْن عَلِيٍّ ومُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنهما لَمَّا تَحارَبا بصِفِّينَ، سنةَ سَبعٍ وثَلاثينَ بعْدَ الهِجرةِ، وهاتانِ الجَماعَتانِ دَعْواهما واحِدةٌ، أي: إنَّ دِينَهما واحدٌ، فكلٌّ منهما يَتَسمَّى بالإسْلامِ، أوِ المُرادُ أنَّ كلًّا منهما تَدَّعي أنَّها صاحِبةُ الحقِّ، وأنَّ خَصمَها مُبطِلٌ.
والفِتنةُ الأُخْرى أنَّه يَخرُجُ دَجَّالونَ كَذَّابونَ، وهمُ الَّذين يَخلِطونَ ويُمَوِّهونَ على النَّاسِ بالكَذِبِ، وعَددُ هؤلاءِ قَريبٌ منَ الثَّلاثينَ، كُلُّهم يَدَّعي النُّبوَّةَ وأنَّه رَسولٌ مِن عندِ اللهِ؛ بتَسْويلِ الشَّيطانِ لهمْ ذلك، مع قِيامِ الشَّوكةِ لهم، وظُهورِ شُبْهةٍ، وقد خرَجَ منهم عَددٌ، كالأسْوَدِ العَنْسيِّ، ومُسَيْلِمةَ الكَذَّابِ، والمُخْتارِ الثَّقَفيِّ، وغيرِهم.
وفي الحَديثِ: دَليلٌ مِن دَلائلِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.