باب ما جاء لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها2
سنن الترمذى
حدثنا الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أنبأنا داود بن أبي هند قال: حدثنا عامر، عن أبي هريرة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تنكح المرأة على عمتها، أو العمة على ابنة أخيها، أو المرأة على خالتها، أو الخالة على بنت أختها، ولا تنكح الصغرى على الكبرى، ولا الكبرى على الصغرى»: «حديث ابن عباس، وأبي هريرة حديث حسن صحيح»، " والعمل على هذا عند عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافا: أنه لا يحل للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها، أو خالتها، فإن نكح امرأة على عمتها أو خالتها، أو العمة على بنت أخيها، فنكاح الأخرى منهما مفسوخ، وبه يقول عامة أهل العلم ".: «أدرك الشعبي أبا هريرة وروى عنه». وسألت محمدا عن هذا، فقال: «صحيح»: وروى الشعبي، عن رجل، عن أبي هريرة
بيَّن الإسلامُ أمورَ الزَّواجِ وأحكامَ التَّعدُّدِ، ومنها بَيانُ ما يَحِلُّ وما لا يَحِلُّ للرَّجُلِ أنْ يَجمَعُه مِن النِّساءِ في الوَقتِ الواحدِ، كما في هذا الحَديثِ؛ حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تُنكَحُ المرأةُ على عَمَّتِها"، أي: لا يُجْمَعُ بَينَهُنَّ في الزَّواجِ تحتَ رجلٍ واحدٍ في وقتٍ واحدٍ، "ولا العَمَّةُ على بنتِ أخِيها، ولا المرأةُ على خالتِها، ولا الخالةُ على بنتِ أُختِها، ولا الكُبرى"، أي: في السِّنِّ أو الرُّتبةِ؛ كالعَمَّة والخالةِ، "على الصُّغرى"، أي: بنتِ الأخ أو بنتِ الأُختِ، وسُمِّيَتْ صُغرى؛ لأنَّها بمنزلةِ البِنتِ، وهذه الجُملةُ كالبيانِ للعِلَّةِ والتَّأكيدِ للحُكمِ، "ولا الصُّغرى على الكُبرى"؛ كُرِّرَ النَّفيُ مِن الجانبينِ؛ للتَّأكيدِ ودَفْعِ التَّوهُّمِ، قِيلَ: عِلَّةُ هذا التَّحريمِ ما يُخافُ مِن وُقوعِ العَداوةِ بينهنَّ؛ لأنَّ المُشاركةَ في الحظِّ مِن الزَّوجِ تُوقِعُ المنافسةَ بينهنَّ، فيكونُ منها قَطيعةُ الرَّحِمِ.
والرَّضَاعةُ تُحرِّمُ ما يُحرِّمُه النَّسَبُ؛ فكما أنَّ المرأةَ لا يُجمَعُ بينَها وبينَ خالتِها مِن النَّسَبِ، فكذلك لا يُجمَعُ بينَها وبينَ خالتِها مِن الرَّضاعةِ، وهي أنْ تكونَ أُختَ أُمِّها التي أَرْضَعَتْها، وكذلك العَمَّةُ، فكما لا يُجمَعُ بين المرأةِ وعمَّتِها مِن النَّسبِ، لا يُجَمَعُ بين المرأةِ وعمَّتِها مِن الرَّضاعةِ، وأيضًا خالةُ الأبِ مِن الرَّضاعِ كخالةِ الأبِ مِن النَّسبِ، وكذلكَ في سائرِ المُحرَّماتِ بالرَّضاعِ