‌‌باب ما جاء في فداك أبي وأمي1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في فداك أبي وأمي1

حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن علي، قال: «ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد غير سعد بن أبي وقاص»

سَعدُ بنُ أبي وَقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه مِن فُرْسانِ الإسْلامِ وشُجْعانِه، وهو أوَّلُ مَن رَمى بسَهْمٍ في سَبيلِ اللهِ، وكان سَعدٌ مِن أخْوالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقدِّرُه ويَعرِفُ فَضلَه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَليُّ بنُ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَجمَعْ أبَوَيْه لأحَدٍ إلَّا لسَعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه، والمَقصودُ: أنَّه لم يَقُلْ لأحَدٍ: «فِداكَ أبي وأُمِّي» إلَّا لسَعدٍ رَضيَ اللهُ عنه، وهو شَرَفٌ كَبيرٌ يدُلُّ على مَكانةِ سَعدٍ رَضيَ اللهُ عنه عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد كان ذلك يومَ أُحُدٍ، وكان سَعدُ بنُ أبي وَقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه يَرْمي بسَهْمِه، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ارْمِ، فِداكَ أبى وأُمِّي»، أي: أفْديكَ بأبي وأُمِّي، وهذه اللَّفْظةُ لا يُرادُ بها الفِداءُ على الحَقيقةِ؛ بل هي للتَّعْبيرِ عن حُبٍّ وبِرٍّ، وعَظيمِ مَنزِلةٍ لهذا المُفَدَّى عندَ المُفَدِّي، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ قالَها لسَعدٍ رَضيَ اللهُ عنه لم يَكُنْ أبَواهُ حَيَّيْنِ.
وقدْ ورَد أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جمَع أبَوَيْه لغيرِ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه، كما في الصَّحيحَينِ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال ذلك للزُّبَيرِ بنِ العوَّامِ رَضيَ اللهُ عنه، فيُحمَلُ قولُ عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه على أنَّه يَنْفي عِلمَ نفْسِه رَضيَ اللهُ عنه، أي: لا أعْلَمُه جَمَعَهما إلَّا لسَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ.
وفي الحَديثِ: فَضيلةُ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: مُكافأةُ مَن فعَل خَيرًا بالدُّعاءِ له، والتَّلطُّفِ معَه.
وفيه: حُسنُ خُلقِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وطِيبُ مُعامَلَتِه لأصْحابِه.