‌‌باب ما جاء متى تقطع التلبية في الحج

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء متى تقطع التلبية في الحج

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس قال: «أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة» وفي الباب عن علي، وابن مسعود، وابن عباس.: «حديث الفضل حديث حسن صحيح» والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أن الحاج لا يقطع التلبية حتى يرمي الجمرة، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق "
‌‌

لقدْ بَيَّن النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الحَجِّ والعُمرةِ وسُننَهما وآدابَهما، بالقَولِ والفِعلِ، ونقَلَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم ما سَمِعوه وما رَأَوه مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك.
وفي هذا الحديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ أُسامةَ بنَ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنهما كانَ رِدفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -أي: راكبًا خَلفَه على الدَّابَّةِ- وهو في حَجَّةِ الوَداعِ مِن عَرَفَةَ إلى المُزْدَلِفةِ، وهي المكانُ الذي يَنزِلُ فيه الحَجيجُ بعْدَ الإفاضةِ مِن عَرَفاتٍ ويَبِيتون فيه لَيلةَ العاشرِ مِن ذي الحِجَّةِ، وفيه المَشعَرُ الحرامُ، وهو بجِوارِ مِنًى، ثمَّ أردَفَ الفَضْلَ بنَ العبَّاسِ رَضيَ اللهُ عنهما -أي: أرْكَبَه خلْفَه- مِن المُزْدَلِفةِ إلى مِنًى.
فكِلاهُما أخْبَرَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ استَمرَّ في التَّلبيةِ -«لَبَّيكَ اللَّهمَّ لَبَّيك، لَبَّيك لا شَريكَ لك لَبَّيك، إنَّ الحمْدَ والنِّعمةَ لك والمُلكَ، لا شَريكَ لك»- إلى أنْ رَمى جَمْرةَ العَقَبةِ، وهي الجَمرةُ الكُبرى، غَربيَّ مِنًى ممَّا يَلي مَكَّةَ، وتكون صَبيحةَ يومِ النَّحرِ للحُجَّاجِ، وهو يومُ عيدِ الأضحى العاشرِ مِن ذي الحِجَّةِ.
ومِنًى: وادٍ تُحيطُ به الجِبالُ، ويقَعُ شَرْقَ مكَّةَ على الطَّريقِ بيْن مكَّةَ وجَبَلِ عَرَفةَ، ويَبعُدُ عن المَسجدِ الحرامِ نحْوَ (6 كم) تَقريبًا، وفيه تُقامُ بَعضُ شَعائرِ الحَجِّ، مِثلُ رَمْيِ الجَمَراتِ. وعَرَفاتٌ: جَبَلٌ يقَعُ على الطَّريقِ بيْن مكَّةَ والطائفِ، ويَبعُدُ عن مكَّةَ حَوالَيْ (22 كم)، وعلى بُعدِ (10 كم) مِن مِنًى، و(6 كم) مِن مُزدلِفةَ، ويُقامُ عندَه أهمُّ مَناسِكِ الحجِّ، وهو الوقوفُ بعَرَفةَ يومَ التاسعِ مِن شَهرِ ذي الحِجَّةِ.
وفي الحديثِ: تَواضُعُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: مَشروعيَّةُ رُكوبِ الاثنينِ على الدَّابَّةِ إذا كانتْ مُطيقةً.