باب ما رخص فيه من الرقى2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عمارة، عن أبي بكر بن محمد:
أن خالدة بنت أنس أم بني حزم الساعدية جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعرضت عليه الرقى فأمرها بها (1)
الرُّقيةُ هي ما يُقرَأُ على المريضِ مِنَ الآياتِ القرآنيَّةِ والأدعيةِ المشروعةِ، وقد أباحَها الإسلامُ، وفعَلَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لنفْسِه ولغَيرِه، وهي لأمراضٍ مُتعدِّدةٍ؛ منها: الرُّقيةُ مِنَ السِّحرِ، ومِنَ العقربِ، ومِن نظْرةِ العَينِ والحسَدِ، وغيرِها، وقد عرَفَها العربُ في الجاهليَّةِ، وكانوا يَرقُونَ ببَعضِ الأُمورِ الشِّركيَّةِ الَّتي حرَّمَها الإسلامُ، وبعضُ الرُّقى كانت خاليةً مِنَ الشِّركِ فأقرَّها الإسلامُ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عَوْفُ بنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الصَّحابة رَضيَ اللهُ عنهم كانوا قبْلَ إسلامِهم يَرقُونَ في الجاهليَّةِ، وهي فترةُ ما قبْلَ الإسلامِ، وسُمِّيَت بها لكَثْرةِ جَهالاتِهم، فسَألوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن هذا النَّوعِ مِن الرُّقيةِ، وهلْ هي ممَّا يُقِرُّها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أم يُحِرِّمُها؟ فأجابَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اعرِضوا عليَّ رُقاكُم» ليَتبيَّنَ ويَنظُرَ فيما يُقالُ فيها، ثُمَّ ذكَرَ حُكمًا عامًّا وقاعِدةً تَضبِطُ هذا البابَ، فقال: «لا بَأْسَ بالرُّقَى ما لم يَكُنْ فيه شِرْكٌ» والمعنى: لا حرَجَ ولا مانعَ مِنَ الرُّقيةِ ما لم يكُن فيها كُفرٌ باللهِ، أو شَيءٌ مِن كَلامِ أهلِ الشِّركِ الَّذي لا يُوافِقُ أصولَ الشَّريعةِ؛ فإنَّ ذلك مُحرَّمٌ؛ فجازَتِ الرُّقْيَةُ مِن كلِّ الآفاتِ؛ مِنَ الأمراضِ والجِرَاحِ والقُروحِ والحُمَةِ والعَيْنِ وغيرِ ذلك، إذا كانت الرُّقَى بما يُفهَم، ولم يكُنْ فيه شِركٌ ولا شَيءٌ ممنوعٌ.