باب ما رخص فيه من الرقى1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي جعفر الرازي، عن حصين، عن الشعبي
عن بريدة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا رقية إلا من عين أو حمة" (2)
الرُّقيةُ هي التعاويذُ التي يُرقَى بها من به آفةٌ كالحُمَّى والصَّرَعِ وغيرِ ذلك مِن الآفاتِ وهيَ ما يُتعوَّذ بهِ من قِراءةِ القرآنِ، والأذكارِ المسْنونةِ والمشْروعةِ، وقد جعَلَ اللهُ العَوذَ بهِ وطلَبَ الحِمايةِ مِنه في كلِّ ما يُصيبُ الإنْسانَ مِن مَرضٍ وغَيرِه.
وفي هذا الحَديثِ خصَّ النبيُّ صلى الله الرُّقيةَ باثْنتَينِ؛ حيثُ أخبرَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه لا رُقيةَ، أي: لا رُقيةَ أشْفى وأَوْلى وأنفعُ، "إلَّا مِن عَينٍ"؛ أي مَن أصابَته عينٌ فأوْقَعتْ بهِ ضررًا، أوْ حُمَةً، و"الحُمَة": قيلَ: سُمُّ العَقربِ وشِبْهها. وقيل: الحرارةُ الناتِجةُ عن السُّمومِ.
وكانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدْ رَقى ورُقِي، وأمرَ بها وأجازَ الرُّقيةَ، فإذا كانت بالقرآنِ وبأسماءِ اللهِ تَعالى فهيَ مُباحةٌ، وأمَّا ما كان بغيرِ لِسانِ العَربِ أو بالطَّلاسمِ غيرِ المفْهومةِ، فإنَّه رُبما كانَ كفرًا أو قولًا يَدخلُه الشِّركُ، قالَ: ويَحتملُ أن يكونَ النَّهيُ الذي ذكَره مِن الرُّقيةِ ما كانَ مِنها على مذاهبِ أهلِ الجاهِليَّةِ في العُوذِ التي كانوا يتعاطونَها، ويَعتقدون أنَّها تدفعُ عنهمُ الآفاتِ.
وقدْ يكونُ معنى حصْرِ الرُّقيةِ في العَين والحُمةِ؛ لأنَّهما أصلُ كلِّ ما يُحتاجُ إلى الرُّقيةِ، فيُلحقُ بالعَينِ مَشروعيَّةُ الرُّقيةِ لمنْ به خَبَلٌ أو مَسٌّ مِن الجِنِّ، ونحوُ ذلك؛ لاشتِراكها فِي كونِها تَنشأُ عن أحوالٍ شَيطانيَّةٍ، مِنْ إنسيٍّ، أو جِنِّيٍّ، ويلتحق بالسُّمِّ كلُّ ما عرضَ للبدنِ، منْ قرح ونحوه.