باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر

باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر

 حدثنا داود بن رشيد حدثنا شعيب بن إسحاق عن الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير قال حدثنى أبو قلابة قال حدثنى ثابت بن الضحاك قال : نذر رجل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال : إنى نذرت أن أنحر إبلا ببوانة. فقال النبى -صلى الله عليه وسلم- : « هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ». قالوا : لا. قال : « هل كان فيها عيد من أعيادهم ». قالوا : لا. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر فى معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم ».

حرص النبي صلى الله عليه وسلم على مخالفة أفعال الجاهلية، والبعد عن كل أفعال الكفار، وفي هذا الحديث تحكي ميمونة بنت كردم فتقول: "خرجت مع أبي في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: حجة الوداع، "فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت الناس يقولون: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلت أبده بصري"، أي: أتبعه بصري ولا أحيد عنه، "فدنا إليه أبي"، أي: اقترب منه، "وهو على ناقة له معه درة كدرة الكتاب"، والدرة: هي آلة الضرب، والمراد بها العصا، أو السوط، والكتاب: هو مكان تعليم الصغار، قالت: "فسمعت الأعراب والناس يقولون: الطبطبية الطبطبية"، يحتمل أن يكون المراد: وقع الأقدام، فيكون المعنى: أن الناس أخذوا يسعون إليه، ولأقدامهم أصوات طب طب، وقيل: هو كناية عن صوت الدرة، فكأن الناس يقولون: احذروا أن تصيبكم، قالت: "فدنا إليه أبي، فأخذ بقدمه"، وذلك ليتكلم معه ويأخذ انتباه النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: "فأقر له"، أي: آمن به وأقر برسالته، ووقف "فاستمع منه"
فقال له: "يا رسول الله، إني نذرت إن ولد لي ولد ذكر أن أنحر على رأس بوانة في عقبة من الثنايا"، في طريق من الطرق التي بالجبال، وبوانة: هضبة وراء ينبع، قريبة من ساحل البحر، "عدة من الغنم"، أي: أذبح عددا منها، قال الراوي: "لا أعلم إلا أنها قالت: خمسين"، أي: خمسين من الغنم، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بها من الأوثان شيء؟" أي: الأصنام، "قال: لا، قال: فأوف بما نذرت به لله. قالت: فجمعها"، أي: الغنم، "فجعل يذبحها، فانفلتت منها شاة"، أي: ضاعت وشردت، "فطلبها وهو يقول: اللهم أوف عني نذري"، أي: أعني على إيجاد الشاة؛ لاستيفاء ما نذرت به، قالت: "فظفرها"، أي: وجدها، "فذبحها"